للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

كما أنه أثبت كثيرا مما يتصل بها في كشكوله الذي اتخذه منذ إقامته في هورتون ليكتب فيه كل ما يعن له من الآراء والملاحظات. . .

وأثبت ملتن في تلك الكراسة من الإشارات ما يدل على دراسة شؤون السياسة، كالمعضلة المالية والضرائب والملكية والجمهورية وحرية الرأي وحرية النشر والقوانين والاستبداد، وغيرهما مما يتصل بأحوال عصره.

ولن يزال يقرأ ويتدبر، ولن يزال يعتقد أنه لم يفرغ بعد من أهبته لما يجب أن ينهض له من عمل في دنيا الشعر، تجد دليلا على ذلك في قوله إنه يساير (ذلك التلقين الباطني الذي يزداد يوما بعد يوم فيوحي إلى أنه بالجد والدراسة المقصودة وهو ما أعده حظي في هذه الحياة مضافا إلى ذلك ميل فطري قوي، قد يتأتى لي أن أترك أثرا كتبته لمن يأتي بعدي من الأجيال فلا يدعونه إلى النسيان).

وما عسى أن يكون ذلك الأثر ومتى ينهض له؟ لعل الشاعر لم يكن أكثر بينة من أمره فيما يتصل بموضوع ذلك الأثر الخالد منه فيما يتصل بتاريخ البدء فيه، فأن كراسته تنطوي على نحو مائه موضوع غير الآرثريادة وكثرتها تتصل بالدين ومسائله من عهد آدم وحواء والخروج من الجنة وما إلى ذلك مما يدل بكثرته وتنوعه على حيرة الشاعر بين ما يأخذ وما يدع. . كذلك حار ملتن بين الصور التي يختار واحدة منها لموضوعه، أتخذله الملحمة على نحو ما فعل هوميروس ودانتي، أم يتخذ له الدراما؛ أم يترك هذه وتلك إلى سلسلة من الأناشيد مثل أناشيد بندار، فلكل من هذه الصور مميزاته ومحاسنه، ولعل مرد حيرته في اختيار الصورة إلى أنه لم يحدد الموضوع، إذ أن الموضوع في الواقع هو الذي يعين الصورة التي يؤدي فيها.

ومهما يكن من أمر هذه الحيرة فقد على الشاعر أن يدع قيثارته جانبا نحو عشرين سنه لم يكن له فيها أداة إلا النثر اللهم إلا مقطوعات قليلة نفس بها عن صدره في بعض المناسبات.

اجتمع البرلمان الطويل في نوفمبر سنه ١٦٤٠، وقد إليه مقترح الأصل والفرع، ذلك المقترح الذي شمر له البيوريتانز، وأرادوا به القضاء على النظام الأسقفي ومن المشفقين من التطرف في الدين والسياسة الذين آثروا الوقوف إلى جانب الملك ودب الخلاف على

<<  <  ج:
ص:  >  >>