الأمين على وظيفته، الناظر في مصلحة الشعب، المخلص لعمله، فليتدبر من يقرأ هذا الكتاب من الموظفين في الحكومة ماذا تكون نتيجة الإخلاص للوطن
ولم تمنعه الوظيفة الحكومية على ما فيها من أعباء ثقال، وعلى الأخص في ذلك العهد العصيب من الناحية السياسية، الذي ظهرت فيه حركة عرابي وانتهت بالاحتلال، لم تمنعه هذه الأمور كلها من التأليف وقرض الشعر.
وبعد، فهذه دراسة جدية بذل فيها المؤلف جهداً واضحا، ورجع إلى نحو ثلاثين مرجعاً أثبتها في صدر الكتاب مما يدل على التحقيق وسعة الاطلاع.
ونرجو إن يستمر الأستاذ عبد الغني حسن على هذا النمط، فيترجم لنا عن بعض الشخصيات الأخرى من أعلام الماضي، ليكون ذلك نبراساً يهتدي به شبان هذا الجيل.
أحمد فؤاد الأهواني
ليلة النهر:
(للأستاذ علي أحمد باكثير)
لا عجب ومصر بلاد فيها نهر النيل، فيهب الحياة لقطانها وحيوانها وزرعها، أن يتغنى المرء بفضل ذلك المنهل الخصيب على كل مرفق من مرافق الحياة. ولكن الأستاذ على أحمد باكثير - هو الأديب المطبوع - يرى أن لهذا النهر وحياً آخر أسمي من الماديات، فهو بالحب يوحي، وناره يزكي , ويلهم للشاعر أغاريده فتصدح بها نفسه دون وعي.
(ليلة النهر) قصة حب رعته الطفولة البريئة الباكرة، ونماه الشباب الطموح الوثاب، وألهب أدواره ليلة أمضاها العاشق مع معشوقته في زورق حمله النيل الرؤوم كما تحمل الأم رضيعها، فتفجرت من العاشق عاطفته فإذا بها شعر وجداني رقيق يصاحبه نغم موسيقي رائع، وإذا بالأيام تقبل على الشاب فيصبح من أعلام الشعراء والموسيقيين والمطربين وهنا تنهض التقاليد في وجهه، فلا يستطيع الظفر بمحبوبته والزواج منها لأن خالها القيم على شؤونها، رأى أن يعقد عليها لشاب متعطل مفتون ليس له من مؤهلات سوى أنه نجل أحد الأثرياء من حملة الألقاب.
وتزداد الدنيا على الفنان إقبالا، فيصيب من المال والنجاح والشهرة ما لم يسبقه إليه مفتن