بكلية ترسانته بالقدس في مجلة الأديب البيروتية فقال:(فلو قلنا أن العرب قالوا: عين القلب. ثم نحتوا من الكلمتين كلمة واحدة - عقل - لما أبعدناعن الصواب. ولو سايرنا ما ذهبتم إليه وقلنا أن العقل من عق لكان مقبولا، لان العقه هي البرقة المستطيلة في السماء، وهل العقل إلا وميض النفس وعين القلب؟).
ثم راح يقول:(ويقال عق بالسهم إذا رمى به نحو السماء وذلك السهم العقيقة. . . قال الجوهري:
عقوا بسهم ثم قالوا صالحوا - يا ليتني في القوام إذ مسحوا اللحى
وذلك السهم يسمى العقيقة وهو سهم الاعتذار، وكانوا يفعلونه في الجاهلية، فان رجع السهم ملطخا بالدم لم يرضوا ألا بالنقود؛ وان رجع نقيا مسحوا لحاهم وصالحوا على الدية).
قلنا: والعقل براء من كل هذه الفروض والتخمينات في حرفه ومعناه؛ إذ ينبغي قبل أن نفرض النقل من اللاتينية أن نفرض استخدام الكلمة في لغتها الأصلية بهذا المعنى، ونفرض خلو اللغة العربية مما يقابلها، ونفرض خلو اللغة العربية مما يقابلها، ونفرض الوسيلة التي يتم بها النقل من طريق السماع أو الكتابة، ونستبعد - عقلا - أن ينشأ معنى العقل من معنى العقال، وهو غير بعيد. . . بل هو اقرب شيء إلى ذهن العربي الذي يوازن أبداً بين حالتي الانطلاق وحالة الاعتقال،
الانطلاق وحالة الاعتقال، ويتحدث عن كبح الشهوات وكظم الغيظ، ويستعير الحجر في مادة أخرى من الحجر وهو المنع والتقييد. وصدق المتنبي حيث قال:
وبعض العقل عقال
والحجر كما لا يخفي هو العقل، والحجر كذلك هو المنع، كما في عقل وعقل بلا اختلاف.
فلماذا نرجع إلى العقل المنحوت من عين القلب أو نرجع إلى العقل المأخوذ من الكلمة اللاتينية وهي لم تطلق على هذا المعنى قط في أصلها الأصيل؟ ولماذا نأبى أن يكون الرجل العاقل هو الرجل الذي يملك زمام نفسه، فلا يندفع مع الأهواء والشهوات؟ وأي شيء أقرب شبها للعقل الزاجر عن الأهواء والشهوات من عقال البعير، ولجام الفرس، وكل كابح عن كل اندفاع؟
عرضنا لهذا التخريج في بعض المجالس فقال أديب: إذن هذا الكرسي مأخوذ من شير