ثم جمعها فخاطها فجعلها بأذن الله كتاب مطالعة للصفوف الثانوية، وهذا المؤلف يأبى إلا أن يكون أربعون في المائة من النسخ المطبوعة ثمن (تعبه. . .)!
وقد مرت ألان سنوات على هذه المقابلة طبع فيها هذا الناشر مائة كتاب مدرسي، وكتاب المثنى لا يزال مخطوطاً في دار أبي قيس.
أدباء المجالس:
من الأدباء من كنت أقرأ له فلا أبتغي بلاغة ولا لسناً ولا بياناً إلا وجدت عنده فوق ما ابتغي، فأتخيل شخصه، واتوهمه على أوفي ما يكون عليه المتفوه اللسن، ثم ألقاه فألقى الرجل الساكت الصموت، الذي لا يكاد يتكلم حتى تكون أنت الذي يسأله ويدفعه إلى الكلام، وإذا تكلم اخفي صوته، ولطف حروفه، حتى لا يسمع منه ولا يفهم عنه. . ومن الأدباء من ألقاه في مجلس فأجد المحاضر الفياض الذي ينتقل من نكته إلى نكتة، ومن قصة إلى أبيات من الشعر، فيبتدع لها المناسبات، ويلقيها بصوت قوي، ويتكئ على الحروف، ويعظم مخارجها، فأكبره وأعظمه وأساله أن يكتب مقالة، أو ينشئ فصلاً، فيفر منه فراراً، وسوف يعتذر. . . فإذا أحرج وكتب جاء بشيء أشبه (بسفرة المسحر) فيها من كل طعام لقمة، ولكن الحلو مع الحامض، والحار مع البارد، وكل طعام مع طعام.
وقد تتبعت أحوال هؤلاء، فوجدت أكثرهم على غير علم ولا اختصاص، ولا يطالع بجد، ولا يبحث بإمعان، ولا تدع له (المجالس) وقتاً لدرس ولا بحث، وإنما يحفظ الرجل منهم طائفة من الأخبار الأدبية والنوادر فيحملها معه أياماً يعرضها في كل مجلس، ويعيدها بعينها، ترث وتبلى وتصبح كالثوب الخلق، فيعمد إلى غيرها فيصنع به مثلما صنع بها، ولا يدرك الناس الفرق بينه وبين الأديب المبدع الباحث، فيطلقون على الاثنين اسم الأديب. . فمتى الناس بين الأديب الحق، وبين (أديب المجالس)؟
مجمع الشريعة الإسلامية:
اخبروني أن عالماً في دمشق يفتي الناس بان الورق السوري (البنكنوت) لا تجب فيه الزكاةلأنه ليس بذهب ولا فضة، ويقول بان هذا هو الحكم في المذهب الشافعي مع أن النقد في سورية كله من هذا الورق، وان الفضة فقدت خلال الحرب، وان التعامل بالذهب