الغني فدعني. فلم اعد أطيق. واذهب اليه، فهو مجرم كبير. اذهب أليه، وارقب غشه ودسه. . فأني فقير. اخرج أنت يا قلبي معه لاستريح. لقد طلبت بنيتي قرشاً فقلت لها غداً، وسألني بنيّ ثوباً، فقلت له غداً. وبت اخجل أن أراهما. أفلا أسرق يا رب، ويا عفريت، ويا قلب لأطعمهم وأفرحهم، وأدخل على قلوبهم السرور؟).
ولكن العفريت، كان أصم، فها هو ذا قلبه يخفق ويضرب ضربات كأنها القنابل مسكين لم يصغ إليه أحد، لا العفريت ولا قلبه. .
وضاق الشيخ بنفسه ذرعاً. أيقتل نفسه؟ لقد فكر في ذلك، ولكنه انصرف عن هذه الفكرة سريعاً، وفضل أن يفر من القرية. ثم رأى انه لا يطيق فراق أولاده، وقد رزقهم وهو شيخ قد بلغ الخمسين.
وفجأة التمعت عيناه. لقد فكر في الله. لم لا يصلي ركعتين، ويخلص لله النية، ثم يدعوه بدعاء تعلمه؟ لقد سمع هذا الدعاء من شيخ القرية، وحفظه عنه، ورسخ في ذهنه أن هذا الدعاء، وفيه توسل بالأولياء والصالحين، سريع الإجابة، عظيم التأثير. أذن فليدع الله. وسرعان ما قفز الشيخ فشمر عن ساعديه، فليتوضأ، وها هو ذا قد توضأ، وتوجه إلى القبلة، يصلي، فلما فرغ من صلاته رفع يديه، والدنيا سكون واخذ يدعو. وفرغ من دعائه، وانتظر قليلاً ولكن المعول ما يزال يهدمبين ضلوعه، والعفريت ما يزال يهمس في أذنه، والانقباض يغمر نفسه، والكآبة تشع حوله.
وجهد أن ينام مرة ثالثة، وأغفى إغفاءة قصيرة، وما لبث أن هب من فراشه، وقد عزم على أمر.
لقد ارتدى معطفه الممزق، ودلف برفق، بخطوات وئيدة نحو الصندوق الخشبي الصغير، لئلا تستيقظ زوجته وأولاده. ودس يده الراجفة في جيبه، فأخرج مفتاحاً صغيراً، فتح به الصندوق بهدوء.
لبث الشيخ لحظة مشدوهاً، وعيناه عالقتان بالصندوق تلمعان. ثم غاص بيده فيه، فاخذ صرة صغيرة بيد راعشة، وقلب راجف، وانتفض كالهر فهرول نحو الباب، تاركاً الحوائج مبعثرة، والصندوق مفتوحاً.
شار الشيخ مثقل الرأس، يحمل همه على كتفيه. يسرع الخطو تارة، يبطيء أخرى. وكان