(واقطع الحجج على أن الازدواج والسجع من لوازم الأسلوب العربي في القران، وهو (كتاب أحكمت آياته، ثم فصلت من لدن حكيم خبير، قد تجوز في بعض الألفاظ والصيغ محافظة عليهما)
ونحن لا نجادل الأستاذ في أن السجع والازدواج أساسان من أسس النثر العربي المأثور - وندع الحديث عن القران إلى موضعه - ولا نجادله في أن فيهما جمالا حين يسحن استخدامهما ولكن هذا لا يعني انهما مفروضان ضربة لازب على الأساليب العصرية.
وقبل كل شيء نود أن نقرر في صراحة: انه إذا كان في اللغة العربية شعر يبلغ نهاية الجودة وقمة الفن - في بعض الأحيان - فانه ليس في اللغة العربية نثر يتسم بهذه السمة! أن الأسلوب النثري المأثور في اللغة العربية أسلوب متخلف متضع تنقصه الطلاقة والحيوية والاندفاع. ولم يبلغ النثر العربي يوما ما بلغه على أيدي كتاب العصر الحاضر الذين أطلقوه من قيوده البطيئة في التعبير والتنغيم على السواء.
وهذه حقيقة تنفعنا، فانه إذا جاز أن نتجه إلى الشعر العربي المأثور للمحاكاة والانتفاع، فلا يجوز أن نتجه إلى النثر العربي المأثور إلا لتكوين الذوق اللغوي، لا المحاكاة الفنية.
وإيقاع السجع والازدواج - على تفاوت بينهما - هو إيقاع (التقاسيم) الشرقية في الموسيقى، فيه الارنان المتوازي أو المتقابل. ولكن تنقصه التموجات العريضة العميقة، وتنقصه الرفرفة الخفيفة والاندفاعات الطليقة. وهو على أية حال ليس إلا لونا واحدا من ألوان الإيقاع لا يصلح لجميع الأحوال. والتناسق الحقيقي هو اتفاق صورة الكلام وإيقاعه مع طبيعة الشعور الذي انبعث عنه الجو النفسي الذي يصوره. وهو بهذا الوضع جزء من دلالة العبارة كالمعنى الذهني سواء. والسجع والازدواج لا ينفسحان عن جميع الصور النفسية.
ثم نصل إلى الحديث عن القران.
وأنا الذي الفت كتابا كاملا عن (التصوير الفني في القران) وأبرزت سمة (الإيقاع الموسيقي) في هذا التصوير، لا اتررد في الجهر بان القران لم يستخدم السجع والازدواج في كافة أغراضه بل استخدمهما في المواضع الخطابية التاثيرية. وفي هذه المواضع