وذلك هو عظيم ثقته في نفسه وفي الشعب الإنجليزي، فهو منذ صغره - كما رأينا - يعتقد انه كفء لعظائم الأمور، - مهما كان خطره - أل ابلغ منه ما يريد: واليوم يخالجه شعور أن نفسه تنطوي على قوة كامنة فيها أن هي أثيرت كانت ذات اثر عظيم في مستقبل الكنيسة وفي مستقبل وطنه. والحق أن وراء طموح ملتن أن وراء طموح ملتن نحو العظمة الأدبية طموحا آخر نحو العظمة في ذاتها في آية صورة من صورها، فلا ضير أن تواتيه في صورة الدفاع عن الحرية أو عن الكنيسة، أما ثقته في الشعب الإنجليزي فكان مردها إلى انه يرى بني قومه الشعب الذي اصطفاه الله على العالمين، وانه تجلى لخلقه من الإنجليز أول ما تجلى، وانهم سوف يقيمون على هذه الأرض مملكه الله التي ترى رأى العين ومع شدة حماسه لما هو مقبل عليه نراه ينطبق قبيل دخوله المعركة بما يشعرنا بتردده وإشفاقه، نجد شاهدا على ذلك في قوله بعد أن أشار إلى ما كان فيه من استغراق في الأدب والشعر:(ما اقل ما يحفزني من ميل إلى أن اقطع ما أن اقطع ما أنا بسبيله من مثل هاتيك الآمال، وان اترك عزله هادئة ممتعة تكتنفها تأملات سارة وثيقة لا قلع بسفينتي في بحر مضطرب تملاه والضوضاء والجدل الصاخب). وهو فضلا عن ذلك يحس انه ترك ما يحسن إلى ما لا يحسن مما يزيده شعورا بتضحيته، وانه نسي نفسه وما كان يتحرق أليه من مجد أدبي ليجيب داعي الله، تجد ذلك في قوله:(ما كانت لاختيار لنفسي أن هذا النهج من الكتابة، وأنا على علم باتي هنا على باني هنا دون حقيقتي، فقد أعدتني قوة طبيعية صادقة لعمل آخر: ولذلك فإني في هذا المتجهة الجديد أحس كأنما استعمل يدي اليسرى) ولكنه يسلم إلى الله، انظر إلى قوله:(إذا جاء آمر الله بان نشرع البوق وان ننفخ فيه نفخه شاكية صاخبة، فلن يدخل في إرادة الإنسان بعد ذلك ماذا يقول ولا ماذا يخفي في نفسه). وكلن يؤمن ملتن بان الله سيثبه على فعله وسيهبه القوة والأقدام، ويمد له في حياته ليكون بوق النصر كما كان بوق المعركة، ولقد ظل أثناء المعركة يفكر فيما هو عائد آلية بعد أن تنهى الحرب. والحق أن ملتن قد أفاد من المعركة ما لم يخطر بباله عند دخولها، ففي أثناء تلك المعركة ما لم يخطر بباله عند دخولها، ففي أثناء تلك المعركة الطويلة تكونت في نفسه ملحمته الكبرى الفردوس المفقود، فكانت كملحمة دانتي عملا ليس قوامه الفصاحة والخيال والمقدرة الفنية فحسب، بل أضيف إلي ذلك تجربة الحياة ومعاناة خصومتها والوقوف من