المرأة الجميلة إذا كانت في حقيقتها شيطانه على صورة أفعى!.
وانطمست صور الماضي الحبيب، واضمحل الفلم، ولم يبق منه إلا هذه الصورة البشعة المقيتة، ورآها تكبر وتعظم حتى أحاطت به وملأت حياته، وحجبت عنه ضياء الذكرى ونور الأمل. . . وسمع قهقهة فانتفض وأحس كأن رنينها طلقات (متراليوز) قد سقط رصاصه في فؤاده، وكانت قهقهة هذه المرأة التي أخذت مكان أمه يتخللها صليل ضحك أبيه. . . وأنصت فإذا هو يسمع بكاء خافتا حزينا مستمرا، فتذكر أخته التي نسيها، وذكره جوعه بأن المسكينة قد باتت بلا عشاء، ولعلها قد بقيت بلا غداء أيضا، فإن هذه المجرمة تشغلها النهار كله بخدمتها وخدمة ابنتها، وتقفل دونها غرفة الطعام، فلا تعطيها إلا كسرة من الخبز، وتذهب فتطعم ابنتها خفية، فإذا جاء الأب العشية، ولبست أمامه وجهها البريء. . . شكت إليه مرض البنت وضعفها:
- مسكينة هذه البنت، إنها لا تتغذى. . انظر إلى جسمها، إلا تريها لطبيب؟. . . ولكن ماذا يصنع لها الطبيب، إنها عنيدة سيئة الخلق. أدعوها للطعام فلا تأكل، وعنادها سيقضى على صحتها. . .
فيناديها أبوها ويقول لها:
- ولك يا بنت ما هذا العناد؟ كلي وإلا كسرت رأسك! فتتقدم لتأكل، فترى المرأة. . تنظر إليها من وراء أبيها نظرة الوعيد، وترى وجهها قد انقلب حتى صار كوجه الضبع فتخاف وترتد. . .
فتقول المرأة لزوجها: ألم أقل لك، إنها عنيدة تحتاج إلى تربية؟
فيهز رأسه، ويكتفي من تربيتها بضربها على وجهها، وشد أذنها، وطردها من الغرفة، ويكون ذلك عشاءها كل عشية!
تذكر ماجد أخته فقام إليها فرفعها وضمها إلى صدره.
- مالك؟ لماذا تبكين؟ أسكتي يا حبيبتي؟
- جوعانة!
جوعانة؟ من أين يأتيها بالطعام؟ وقام يفتش. . فأسعد الحظ فوجد باب غرفة الطعام مفتوحا، وعهده به يقفل دائما، ووجد على المائدة بقايا العشاء، فحملها إليها فأكلتها فرحة بها مقبلة