للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للحصول على أكبر عدد ممكن من الاتباع. وكان هذا الفيلسوف من أولئك الفلاسفة الذين اعترفوا بوجود إله هو أساس هذا العالم وسببه. غير أنه كان كأكثر الفلاسفة (التوضيحين) ينكر خوارق العادات ولا يؤمن بالمعجزات، ويجحد تدخل الله في شؤون العالم وفي شؤون الأفراد وكل ما في الكون من مخلوقات. وكان يدعو إلى (الديانة الطبيعية العقلية) ويهاجم أسفار التوراة والأناجيل وينتقدها انتقادا مرا، لذلك تعرض بالطبع إلى حملات رجال الدين عليه والى نقد قوي مرير.

تعرض لسنك إلى نقد رجال الدين، إلى نقد (كوتزة) على الأخص فكانت بينهما مهاترات علمية تدخل فيها أناس من عشاق الجدل الفلسفي الديني، وقد تمكن (كوتزة) هذا من إثارة مجالس الأقاليم على لسنك، فأصدرت تلك المجالس أمرا إلى دوائر الرقابة تطلب فيه إلا يسمح للسنك بنشر أي شيء إلا بإذن من الحكومة، فكان في هذا القرار توفيق لرجال الدين.

وكان (لسنك) قد اطلع على آراء فيلسوف إيطالي آخر هو (بوكاجيو) ١٣٠٣ - ١٣٧٥م) الكاتب الإيطالي الفيلسوف.

وقد وجه هذا العبقري كزميليه دانتي (١٢٦٥ - ١٣٢١م) و (بترركا) أنظار قومه نحو مثل جديدة، نحو المثل الإنسانية التي تدعو إلى التسامح في مقابل تعصب الكنيسة وتمسكها بآرائها الدينية. وقد حث قومه على دراسة الشعر واللغة والفلسفة، وقد مهد هو وزملاؤه بذلك الطريق لما سمى فيما بعد باسم: (عصر النهضة والأحياء) واتصل لسنك عن طريق الترجمة بهؤلاء، فقرأ لبوكاجيو، وكان هذا الأثر الأدبي المهم قد ترجم إلى الألمانية في القرن الخامس عشر للميلاد وطبع في (أو كسبرك سنة ١٤٨٩ للميلاد). ومنه استل صاحبنا مادة (ناثان الحكيم). أخذ من (دكامرون) عناصر القصة الأولى، وأضاف إليها بعض العناصر الجديدة التي كانت شائعة عند الأوروبيين في ذلك الوقت. ولعل بوكاجيو نفسه كان قد أخذ قصصه من القصص الأوربية القديمة التي كانت شائعة قبل ذلك العهد ففي أسبانيا حيث عاشت الأديان الثلاثة كان الناس يتحدثون عن ملك متسامح حكيم وعن قصة الخاتم، وفي أوروبا تحدث الناس عن السلطان صلاح الدين وعن تساهله بالنسبة للمسيحيين واليهود.

<<  <  ج:
ص:  >  >>