للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ملتن مطاعن شديدة تناولت فيما تناولت شخصه ومسلكه إبان طلبه العلم بالجامعة، وكأنما أراد أن يحارباه بسلاح من أسلحته لكي يذيقاه مرارة المطاعن الشخصية. والحق أنهما أوجعاه وملأ قلبه بكتيبهما هذا غيظا شديدا وحنقا ولا سيما أنهما افتريا عليه ما ليس من خلقه ونسبا إليه ما هو نقيض ما عرف عنه من استقامة وطهر وعفة حرص عليها أشد الحرص سرا وعلانية حتى باتت من أبرز صفاته وأخصها. . .

اتهمه هول وابنه أنه لسوء مسلكه في الجامعة قد لفظته كما تلفظ الحلوق القيء، فذهب إلى منعزل على مقربة من لندن حيث كان يقضي نهاره في الفسوق والفجور وليله في أماكن ومواخير الفساد، وحيث راح يغازل أرملة غنية بغية الزواج بها.

ورد ملتن بكتيب كان خامس هاتيك الكتيبات فذكر أنه ما كان ليعبأ بما يقولان لولا أنه لصلته بجماعة سمكتمنسي ولإخلاصه لواجبه في القضية التي هو بصددها يحرص على أن يطهر اسمه مما حاولا أن يلصقاه به، ومهد بهذا الحديث طويل عن نفسه يعد تاريخا لحياته حتى ذلك الوقت. . .

نفى عن نفسه أن الجامعة لفظته، فها هو ذا يجمل شهادة من أكبر شهاداتها، ولقد كان هناك كما يعرف أهلها جميعا موضع التوقير والمحبة، وكان يقضي أصباحه في قراءة أعظم المؤلفين وفي تقوية بدنه بالرياضة، أما أمساؤه فلم يعرف فيها فجورا ولا لهوا اللهم إلا ما كان يشاهده من تمثيل مسرحيات الكلية في كمبردج إن كان يعد هذا من الفجور.

ويشير ملتن إلى عزلته بعد أن ترك الكلية والى دراساته التي أخذ نفسه بها في غير رفق، هنالك حيث قرأ فيمن قرأ أفلاطون ونده زينوفون قراءة درس وتمحيص و (حيث أعني إذا تكلمت عما علمته من الحكمة والحب الجانب الحق منهما، ذلك الجانب الذي ليس غير الفضيلة كأسه الساحرة التي يطاف بها على من يستحقونها فحسب. أما الذين لا يستحقونها فتطوف عليهم شيطانه نزلت باسم الحب وأهانته بكأس مزاجها شراب مسكر ثقيل؛ وتعلمت كيف تبدأ في النفس وكيف تنتهي فيها أولى غايات الحب وأهمها فتلد توأميها السعيدين: العلم والفضيلة.

ويعد ملتن قارئيه أنه سوف يتكلم عن الحب الصحيح أكثر مما تكلم وذلك (في وقت هادئ لا شتائم فيه، لا في هذه الجلبة القاتمة إذ ينبح الخصوم بالباب كما يتعلمون).

<<  <  ج:
ص:  >  >>