الإنسانية؟ أيكون ذلك عن طريق الإعدام أم عن طريق السجن؟ إن الجماعات التي عاشت حتى الآن استخدمت هاتين الوسيلتين، بيد أن ذلك هو سبيل الحرب، أما نحن فنبغي السلام.
ذلك ضغط تعسفي، أما نحن فنريد التهذيب.
نقول التهذيب، وإنها لكلمة كبيرة تلخص نظريتنا كلها. أليست المسألة الحيوية التي تشغل عصرنا هي مسألة التربية؟ لهذا يجب علينا ألا نقيم نظاما جديدا على أساس العنف. ذلك لأن أي نظام يقوم على هذا الأساس لا بد أن يكون نظاما جائرا حتى ولو كان أفضل من سابقه. إن علينا أن نستعين بالقوة في هدم القوة الغاشمة التي تعترض الآن كالسعي في الإصلاح.
وبعد ذلك نبدي ما نعتقد أنه أفضل النظم لتبت الأمة فيما تبتغيه منها. وهي حرة في إبداء إرادتها. كما نعلم الأفراد بكل وسيلة ممكنة أن يتعهدوا ما يستقر عليه رأي الأمة، وأن يسيروا وفاقا له في أعمالهم. إن نظرية الحقوق تعيننا على أن نثور ونهدم الحوائل ولكنها لا تكفل وفاقا منيعا دائما بين جميع العناصر التي تتكون منها الأمة. إننا لن نصل بنظرية السعادة والرفاهة كغرض أولي للحياة إلا إلى تكوين رجال أنانيين يعبدون المادة وينقلون شهوات النظام القديم إلى النظام الجديد الذي لا يلبث أن يفسد في بضعة شهور. لذلك كان لزاما أن نتفقد مبدأ من مبادئ التربية يسمو فوق أمثال تلك النظريات ويرقى بالناس إلى مثل فضلى، ويعلمهم الجلد في التضحية، ويربط بينهم وبين إخوانهم دون أن يجعلهم يعتمدون على آراء رجل فرد، أو على قوة المجموع. هذا المبدأ هو الواجب.
يجب أن نقنع الناس أنهم - وهم أبناء رب واحد - يلزمهم أن يطيعوا قانونا واحدا في هذه الأرض، وأن كلا منهم يجب أن يعيش لا لنفسه بل لغيره، كما نعلمهم ألا يكون غرض حياتهم الحصول على قدر من السعادة قل أو عظم، بل أن يسعوا في تحسين وترقية حالهم وحال غيرهم من الناس. كما نذكرهم أن محاربتهم للظلم والضلال في سبيل نفع إخوانهم ليست حقا فحسب، بل واجبا حتميا عليهم أبد الحياة. ومن الإجرام أن يتهاونوا في نفاذ هذا الواجب.
أي إخواني عمال إيطاليا! أفهموا ما أقول فهما صحيحا صادقا. إذا قلت إن علم الناس