للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وإذا كنتم محرومين من الحقوق المدنية ومن الاشتراك - سواء بالانتخاب أو بالتصويت - في القوانين التي تنظم أعمالكم وتتحكم في حياتكم فكيف تشعرون بفخار القومية وتحسون بأية غيرة على الدولة أو ولاء أكيد للقوانين؟ إن العدالة لا تسقط عليكم كما تسقط على الطبقات الأخرى فأنى لكم أن تتعلموا إجلال العدالة وحبها؟ إن المجتمع لا يعاملكم معاملة فيها شئ من العطف فأنى لكم أن تتعلموا العطف على المجتمع؟ فأنتم إذن في حاجة إلى تغيير في شؤونكم الحيوية يعينكم على رقيكم الأخلاقي، وأنتم في حاجة إلى الإقلال من العمل حتى تتوفر لديكم بضع ساعات من اليوم تنفقونها في تثقيف عقولكم ويلزمكم أن تعوضوا عن عملكم جزاء موفورا تدخرون منه ما يطمئن قلوبكم على المستقبل، ويطهر نفوسكم فوق كل شئ من الميل إلى الاقتصاص وعواطف الانتقام وشهوة النيل ممن تحامل عليكم ظلما وعدوانا. يجب أن تسعوا إذن من أجل هذا التغيير، ولا بد أن تحصلوا عليه، ولكن على أن يكون وسيلة لا غاية. جاهدوا من أجله لتصلحوا من أحوالكم لا لتحققوا سعادتكم المادية فحسب، وإلا فأي اختلاف يكون بينكم وبين طغاتكم؟ إنهم لم يكونوا طغاة إلا لأنهم لم يفكروا في شئ سوى الرفاهة واللذة والسلطان. ويجب أن يكون غرضكم الأسمى في الحياة ترقية حالكم. ولن تستطيعوا أبدا أن تخففوا من شقائكم إلا بإصلاح شؤونكم. أما إذا قصرتم جهادكم على تحقيق أغراض مادية أو إنشاء نظام خاص فلا بد أن يقوم بينكم آلاف من الطغاة. إن تغييرا يحدث في النظام الاجتماعي لا يكون له معنى إذا حملتم في قلوبكم أنتم وغيركم من الطبقات شهوات اليوم وأنانيته. إن النظم كبعض النباتات التي تخرج سما أو شفاء وفاقا للطريقة التي تستخدم فيها. لذلك نرى الرجال الأخيار يحيلون الأنظمة الفاسدة صالحة؛ بينما الرجال الأشرار يحيلون الصالحة فاسدة. وعليكم أن تقوموا الطبقات التي تجور عليكم اليوم قصدا أو عن غير قصد، وتقنعوهم بما عليهم من الواجبات. بيد أنكم لن تفلحوا في ذلك إلا إذا بدأتم بإصلاح أنفسكم ما استطعتم إلى ذلك سبيلا.

فإذا سمعتم إذن ناسا ينادون بضرورة انقلاب اجتماعي ويحدثونكم بأنهم قادرون على تحقيقه بدعوى حقوقكم فقط فاشكروهم على حسن مقاصدهم. ولكن أشفقوا من النتيجة. إن آلام الرجل الفقير معروفة - على الأقل - للطبقات المترفة ولكنها إن عرفتها فهي لا تحس بها.

<<  <  ج:
ص:  >  >>