معذب. وكذلك ينم عنه في كتيبه هذا تلمسه العلل لمثل ما وقع فيه من خطأ، فكل امرئ عرضة لأن تخدعه المظاهر فتجره إلى ما لا يحب (وإن أكثر الناس عقلا وأقواهم تمكنا من أزمة نفوسهم هم أقل الناس تجربة في مثل هذه الأمور وأجدرهم ألا يعرفوا أن ما تقع عليه أعينهم في عذراء من صمت خجول إنما يخفى وراءه ذلك الجمود وذلك الكسل الطبيعي الذي لا يصلح قط لحوار) وتكاد تلخص هذه العبارة قصة زواج ملتن بماري يوول فانه كما ذكرنا لم يك يعرفها من قبل ورأى في صمتها وقد مال إليها عذراء فحسب. . .
ومما يتعلل به ملتن من طرف خفي إشارته إلى عقيدة القدر المحتوم فهو يؤمن بها اليوم وإن أنكرها غدا؛ فلن يفر المرء مما قدر عليه وينطبق ذلك الزواج بالضرورة كما ينطبق على غيره.
ويجد ملتن في هذه القضية فرصة لتجديد طعنه على القساوسة فيقول إن ما يدعيه البابا ورجال الدين من اختصاص في أمور الزواج إنما يقوم على الاغتصاب، فإن الزواج والطلاق من اختصاص رب الأسرة كما قضى بذلك الله، وكما تقضى طبيعة الأشياء وكما ارتضى المسيح، ولكن بابوات روما اغتصبوا ذلك الاختصاص (وقد رأوا ما يصيبون من مغانم ومن سلطة تفوق سلطة الأمراء أنفسهم من وراء قضائهم في هذه الأمور وإبرامها) وينتهي ملتن إلى قاعدة سوف تنمو في ذهنه وتسع مداها في فكره ومؤداها أن لا قانون يتقيد به الرجل الحكيم.
ويبين ملتن مبلغ ما يسديه المشرعون من خير إلى الإنسانية إذا أخذوا بآرائه في الطلاق. فيقول: (إنهم بذلك يرفعون كثيرين ممن لا حول لهم من المسيحيين من أعماق الأسى والحزن حيث لا قبل لهم قط بأداء أية خدمة لله ولا لأحد من عباده، ويخلصون كثيرين من نفوذ الطوائف المظلمة المضطربة، وينقذون كثيرين من الإباحية البهيمية الجامحة وكثيرين من الشقاء الموئس ويعيدون الإنسان إلى كرامته الصحيحة وإلى حقه الطبيعي؛ ويعودون بالزواج من وضعه الحالي كفخ من الفخاخ ومسألة من مسائل الحظ يأتي منها الخطر إلى حالته المرجوة إذ يكون المرفأ الأمين والملجأ الاجتماعي السعيد.
وفي يوليو سنة ١٦٤٤ نشر ملتن مقالاً مطولاً جعل عنوانه (رأي مارثن بنسر في