للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صاحب الدعوة وتناولوا أكلا عربيا صرفا وهما يلهجان بالثناء العاطر على (عزيز) وكرمه ولطفه. .

وفي اليوم التالي ردت الزيارة إلى تل أبيب، وكانت زهور وغداء، وملاطفات وعدم فهم متبادل لما يقصد من هذه الصداقة. ثم كان وداع على أن يكون اللقاء في المستقبل في المقهى الذي حدث فيه التعارف. . .

ولما حل مساء اليوم التالي لهذه الزيارة أحس (عزيز) أن شيئا يقلقه، ويشغل فكره، ويثير أعصابه، فأسرع إلى حانة ما وطلب من العرق أولا وثانيا وثالثا فخيل له أنه يسمع لحن الفولغا؛ وتراءت له السيدة (القوزاقية) كما أرادها أن تكون، فلم يقو على الاصطبار حتى يحين اللقاء (في المستقبل). . فعقد النية على المجازفة مهما كانت العواقب. وإذ كانت ميزانيته لا تسمح له بالإسراف توجه إلى زميله المزارع الثري وسأله - أأنت مستعد للبذل في سبيل ربة الجمال؟

قال - ومن هي؟

قال - السيدة أيسبر جر. . .

قال - كل ما أملك فداء لها. . وإنني للجمال لعابد. . .

وفي الساعة الحادية عشرة من الليل كان عزيز وزميله يترنحان ثملين في شوارع تل أبيب، فقادتهما أقدامهما إلى دار ايسبرجر ثم صعدا إلى الطابق الثاني ووقفا أمام باب الشقة. . تردد (عزيز) في الضغط على الزر الكهربائي، فالعاطفة تحثه على الضغط، والفكر المكبوت بالخمر يوحي إليه خيبة الأمل. . وأخيرا مد إصبعه نحو الزر وضغطه، فمرت ثوان دون جواب، فأعاد الضغط وإذا بنور يشع في الداخل وبخطوات تقترب من الباب مسرعة ثم فتح الباب وياله من منظر: السيدة ايسبرجر بلباس النوم، وشعرها مسدول على كتفيها، وقفت أمام الزائرين الليليين مشدوهة، وقد عانقت نفسها بذراعيها من الخجل والبرد معا. . .

فبادرها (عزيز) قائلا - (شالوم. . . مدام!. . .)

لقد توقعت السيدة ايسبرجر أن يكون الطارق في تلك الساعة المتأخرة أي مخلوق من أهلها ومعارفها لكنها لم تتوقع قط أن يكون هذا الطارق (عزيز) وزميله. . . والواقع أنها ذعرت

<<  <  ج:
ص:  >  >>