أتراه عند المساء وقد غشى جناحه عنقه لينام نوما هادئا لذيذا؟ وكذلك هي: فقد رقدت مثله، يغشاها يأس قاتل، وضنى مبرح، إلا أن رقادها كان مبكرا. فلم يكن لليلها صباح، ولا لنومها يقظة!
ولكن ليت شعري؟ لم أحمل نفسي. . . الخ. . .
خمسة عشر عاما قضتها تحت التراب، وما رثى مصيرها أحد، ولا بكت ملجأها عين،
فسرعان ما غسى النسيان - وهو ثاني كفن للموتى - تلك الطريق التي تؤدى بنا إلى شاطئ الحياة؛
لم يزر أحد وا أسفاه هذه الصخرة التي طمسها الدهر ودرسها، لم يفتكر بها أحد، ولم يندبها باك! إلا مخيلتي فقد قضت لبانتها من حق الذكرى وحق الدعاء!
إذا ما قضيت موجة أيامي الأخيرة، فأحسست بدنو أجلي،
رأيتني أستذكر قلبي جميع من فقدهم فنسيهم، ثم أرسل عيني نحو تلك الأطلال الخاشعة والآثار الدارسة، فأذرف الدمع،
وأسكب العبرات، حزناً على تلك النجوم النيرة، التي خبا ضوءها المشتعل، وانطفأ سراج حياتها من سمائي المتعذرة!
ولقد كانت هي أول الشهب الآفلة، من نهار بهي جميل؛
فضوءها اللألاء لا يزال ينير ظلام قلبي، ويضرم ما بقى حذوة حبي!
ولكن ليت شعري؟ لم أحمل نفسي. . . . . . الخ. . . . . .
كل حظها من الحياة شجيرة شائكة ذات خضرة باهتة فحطمتها رياح البحر الشديدة، وهشمتها أشعة الشمس المحرقة. ورغم هذا بقيت ضاربة بجذورها تحت تلك الصخرة، دون أن تخلع عليها ظلها، كأنها حسرة مضنية، تأصلت جذورها في القلب. وغبار الثرى كسا أوراقها طبقة بيضاء، فاستقلت على الارض، وانعطفت أفنانها، فجذمتها أسنان الماعز الحادة.
ثم تتفتح زهرة ناصعة في فصل الربيع، كأنها رضاب الثلج، فتفجر هذه الشجير يوما أو بعض يومين،