للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فكان من مولوديه شيخ السخرية العربية، وأيام الفكاهة الشرقية: (أبو الغصن عبد الله دجين بن ثابت) الملقب بجحا.

وقد نشأ السيد جحا في (الكوفة) ورأى - فيمن رآه - من أفذاذ معاصريه (أبا مسلم الخراساني)

وكانت أم (جحا) تخدم أم سليم بنت ملحان: والدة مالك بن أنس راوية الحديث المعروف.

وقد لقي السيد جحا من التقدير والإعجاب في القرن الثاني من الهجرة مثل ما لقي سابقه (خرافة) من قبل. ولم يقل شأنه عن صاحبه: تقديرا واعجابا، ونباهة ذكر، وبعد صيت.

وأعجب الناس بأسلوبه السهل الممتع في فهم الحياة كما أعجبوا بما به من طرائف وملح.

وأشتد به إعجابهم فخلعوا كما خلعوا لقب سابقه (خرافة) من قبل - على كل عجيب من القول وطريف من الحديث.

وأصبح للقصص الجحوي خصائصه وميزاته، كما أصبح للقصص الخرافي من قبله - بدائعه وخيالاته.

٥ - الفن الجحوي:

وأشتد إعجاب بعض الناس به فأطلقه على ولده، وافتن آخرون فأضافوا إلى طرائفه كثيرا من مخترعاتهم وفنون مبتدعاتهم، وهكذا صنعوا بألف ليلة التي أضافوا إليها جمهرة من طرائفه كما أضافوا إليه جمهرة من قصصها، حتى تعذر التمييز بين الأصول الجحويه، والمحاكاة المروية. ولا سيما بعد أن اختلطت بفكاهات (أبي العيناء) و (الشعبي) و (أبي دلامة) و (أشعب) و (الغاضري) و (أبي العنبس) و (البهلول) و (الجماز) و (الحمدوني) ومن إليهم من أعلام الدعابة العربية، ثم زاد عليها المتزيدون جمهرة من فكاهات الحمقى والمغفلين والطفيليين من أمثال (هبنقة) و (فند) وطفيل وأضرابهم.

فتجمعت أشتاتهم في واحد ... إلا يكنهم أمة فيكاد

وهكذا أسند الناس إلى جحا كل طريف من الملح وعجيب، فكاد يصبح - كما أصبح خرافة - علما على فن بعينه من فنون القول بعد أن كان علما على شخص بعينه من أفذاذ الناس.

٦ - جحا التركي:

<<  <  ج:
ص:  >  >>