للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

من الخلابة وتأخيذ القلوب) وفي هذه الكلمة الأخيرة (تأخيذ للقلوب) كل الرد على الباحث الفاضل المجدد!!

أما المثال الثاني فحيث يقول (ومن ذلك مثلا أنا نسمعهم يقولون أطبق البلغاء على أن المجاز أبلغ من الحقيقة، وأن الاستعارة أبلغ من التصريح بالتشبيه. . . الخ ثم لا يعللون شيئا من ذلك كله إلا بالفكرة السابقة من تأكيد المدح بما يشبه الذم من قولهم. أنه كدعوى الشيء ببينة). ولعلنا نقف طويلا متعجبين من جراءة أستاذ في الجامعة، ورئيس طائفة تدعى التجديد في علوم البلاغة، حين نعلم أن صاحب الصناعتين عقد فصلا للموازنة بين الحقيقة والمجاز ذكر فيه أكثر من أربعين مثلا وعلل لكل مثال بعلة، وليس تأكيد المدح بما يشبه الذم واحدا من هذه العلل، وأنه في أول الفصل علل تعليلا عاما بأمر نفسي فقال لا وفضل هذه الاستعارة وماشا كلها على الحقيقة أنها تفعل في النفس نفس السامع ما لا تفعل الحقيقة) فكيف يسوغ بعد هذا لأستاذ أمين في العلم أن يطرح هذا كله ليقول إن علماءنا لم يعرفوا تعليلا نفسيا واحدا؟ وهل يرى إن الباحث لا يكون بارعا معلاما إلا إذا ادعى أن الأوائل لم يتنبهوا لما وصل إليه؟

ولعلي أقضي على كل ادعاء إذا ذكرت كلمتين اثنتين تشهدان بأن علماء البلاغة لم يقتصروا على تعليلات ركيكة جافة، وإنما وصلوا في بعض الأحايين إلى اللباب المنتخب

(١) كتب ناشر كتاب أسرار البلاغة في مقدمته قال: (ينبغي لقارئ هذا الكتاب وصنوه دلائل الإعجاز أن يتأمل حق التأمل ما انفرد به الإمام عبد القاهر من جعله علوم البلاغة

- البيان والمعاني والبديع - من قبيل العلوم الطبيعية كعلم النفس وعلم الأخلاق وعلم الفلسفة العقلية - لا مجرد مواصفات واصطلاحات - فأنه يقيم الدلائل، ويسوق الحجج على كون البليغ من الكلام باشتماله على التشبه والتمثيل والمجاز العقلي أو اللغوي من قواعد البيان، أو بمراعاة نكت المعاني في التعريف والتنكير والحصر والتأكيد والفصل والوصل وغير ذلك إنما كان بليغا لأمور حقيقة في عقول الناس وشعورهم وتأثير الكلام في أنفسهم)

وهذا كلام صريح في أن علماءنا تنبهوا لهذا الذي أراد الأستاذ أن ينبهنا إليه، بل جعلوه أصلا تؤلف على ضوئه الكتب.

<<  <  ج:
ص:  >  >>