للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يقصر وظيفة المرأة على عونه والعمل على راحته، وإنما جعل العلاقة بينهما علاقة مشاركة عقلية وروحية قوامها المشاركة بين العاطفتين مما يوثق أواصر المودة ويمكن أسباب السعادة بين الزوجين، ولقد جعل مثل هذه العلاقة كما رأينا أساس الزواج، وإلا كان الطلاق أمرا مقضيا. . .

ويرى ملتن أن الغرض الأول من الزواج حاجة الرجل إلى صلته بالمرأة صلة جسدية وعقلية وخلقية، فما يبلغا كمال إنسانيتهما إلا بهذه الصلة، وما يتم إحداهما إلا بالأخر، وما يكتمل بأس الزوجين إلا متصلين، ولن يزال الرجل في عزلة موحشة مهما يحط به من الناس حتى يتزوج.

ويرجع إلى آدم فيفسر وصف الله سبحانه إياه بالوحدة في الإنجيل بحاجة إلى المرأة، أو إلى الزوجة على الأصح، يقول في ذلك: (يراد بقول الله (وحده) هنا أنه وحده بغير امرأة، وإلا فإن (أدم) كان يحظى بجوار الله ذاته، وكان يحيط به من الملائكة رهط يكلمهم ويكلمونه، والخلائق جميعا تبهج نفسه بما تجد وما تلهو، والله قادر على أن يخلق له مما خلقه منه ألف صاحب، وألف أدم له اخوة يصحبونه، ومع ذلك كله دعاء الله حتى وهبه حواء وحيدا)

وإذا كان الرجل لا يستغني عن المرأة، ولا المرأة عن الرجل، فلا رباط بينهما إلا الحب، أي لا زواج إلا على أساس المحبة والمودة: (فالحب في ناحية إن لم يجد ما يشاركه في الناحية الأخرى، ووجد نفسه يذهب أدراج الرياح، إذ أنه لا محالة ذاهب في مثل تلك الحالة، قد تبقى بعده الصلة الجسدية، ولكنها لن تكون صلة مقدسة ولا طاهرة ولا مشاكل لرباط الزواج، إذ هي في خير حالاتها بعد ذلك لن تعدو أن تكون عملا حيوانيا بحتا، بل إنها أرذل في الحق وأحط مما يرى من ترفق أخرس بين قطعان الدواب والأغنام الإنسانية، وليس للجسم في ذلك أثر يذكر)

ويرى ملتن أن الفسق والشهوة الحيوانية إلى فقدان الحب والتعاطف وقصر العلاقة بين الرجل والمرأة على الجسد ونزعاته، فإذا كانت العلاقة ببن روحية قوامها الحب، فلا فجور ولا فسوق في الحب؛ ولذلك فالمثل الأعلى عنده لحياة الزوجين هو في تلك الأيام التي عاشها أدم وحواء قبل هبوطهما من الجنة، فقد توشجت روحاهما وجسدهما، فلا محل لاثم

<<  <  ج:
ص:  >  >>