وكان ملتن يتردد على سيدة تدعى (مرجريت لي)، وكان يجد بين يديها مثل ما كان يتوق إليه من حديث عذب ومن ذكاء ولباقة لم تعرف زوجه شيئا منها، ولكنها كانت متزوجة، وكان زوجها هو (كابتن هوبسون) أحد أصدقائه من أنصار البرلمان، فهل حاول ملتن أن ينشئ علاقة روحية قوامها المحبة والمودة بينه وبين هذه المرأة؟ ولكن ما غايته من مثل هذه العلاقة وهو لا يستطيع بالضرورة أن يتزوجها طالما أنها زوج لغيره؟ لقد ظلت صلته بهذه السيدة مبهمة الغرض، ولقد اختصها بمقطوعة من تلك المقطوعات الشعرية التي كان ينظمها الفينة بعد الفينة، والتي كانت على قلتها وصغرها قصاراه يومئذ من الشعر؛ وجعل عنوان هذه المقطوعة وهي الخامسة بين مقطوعاته والثانية منذ هجر الشعر (إلى السيدة مرجريت لي)؛ وليس فيها ما ينم عن شيء في علاقته بهذه السيدة، وإنما اقتصر الشاعر على امتداح أبيها والثناء على صفاتها، ذاكرا أن ما عرف عن أبيها من الشرف والنزاهة والإباء ورثته ابنته، فهو واضح جلي في خلقها!
ويتحدث ابن أخته فلبس فيما ذكر من أبناء حياته أنه تحبب إلى سيدة أخرى، ورغب في أن يتزوجها، متحديا بذلك القانون - كما توعد من قبل ويقول (فيلبس) إنها كانت في أول شبابها، فكانت رائعة الجمال، حلوة الحديث، على قدر من الذكاء عظيم؛ ولكنها لم تجرؤ أن تتحدى الناس كما حاول ملتن أن يصنع، وما كانت لتقبل أن تضع نفسها حيث لا تكون زوجة لا في عرف الناس ولا في قانون الكنيسة، وإنما في شرع ملتن وحده؛ ولعل هذه السيدة كما يظن المؤرخون هي موضوع مقطوعته الرابعة التي جعل عنوانها (إلى السيدة صغيرة فضلى)، وقد أثنى فيها على طهر هذه العذراء وعفتها ونبل شمائلها ورجاحة عقلها، وليس يعرف عن هذه العذراء وقد كان يطلق إذ ذاك لقب السيدة على العذراء، إلا إنها كانت ابنة شخص يدعى الدكتور ديفز، كما أنه لم يعلم عن علاقة ملتن بها أكثر مما ذكره ابن أخته!
على أن صلته بالسيدة مرجريت لي وصلته بهذه المجهولة الاسم قد انقطعت كلتاهما بإذعان ماري على غير توقع من أحد وقبولها العودة إلى زوجها!
وتمت عودة ماري على صورة أشبه بالقصة، ولكنا قبل أن نأتي بهذه القصة على سردها نحب أن نتبين سبب عودتها، وقد غابت عن زوجها منذ هجرته نحو عامين!