المؤلف المراد توصيلها وتفهيمها، كذلك يجب أن تكون الألفاظ صالحة لان تحكي تلك التجارب وتصورها بصور واضحة.
أما التشبث بأهداب اللف والدوران، والقول بأن السهل الممتنع هو أسمى أنواع الكتابة؛ ولكن هل كل مبتذل. . . . سهل ممتنع وهل كل أسلوب دارج أقرب إلى لغة التخاطب منه إلى لغة الكتابة هو بيت القصيد؟
نعم إن الجمال سهل معجب، ولكنه سهل على من؟! وبعد ماذا؟! على الذين يقدرونه ويحبونه، وبعد الخبرة والممارسة والتذوق والتهذيب، فليس معنى السهولة في جمال الفنون أنه رخيص مباح لكل من يرمقه بجانب عينه، ولا أنه غني عن التأمل والتفكير. ولكن معناه أنه سهل لمن يستعد له استعداده ويبذل فيه ثمنه. وكذلك الثمرة الشهية سهلة سائغة لمن يشتريها ويغرسها، ولكن ليس معنى ذلك أنها تمطر من السماء وتطرح على التراب أو تنمو كما ينمو نبات السحر.
ولو كان الغرض من اشتراط السهولة في الجمال أن يكون سهلا على كل من يطلبه وبلا تفاوت في الدرجات والمواهب لما كان في الكتابات رسالة واحدة جميلة، أو حقيقة بأن توصف بالجمال، فإن كتابات شكسبير سهلة على بعض القراء، ولكنه من الألغاز والمعميات على أناس آخرين، وان هؤلاء الآخرين قد يطيب لهم أساليب بيرون، ولكنه إذ أقرئ على من دونهم من الفطنة والشعور عابوه واستثقلوه أو كابدوا في فهمه الصعوبة التي تنفي صفة الجمال، وهكذا إلى أن تهبط إلى طبقة تستصعب شعر هؤلاء جميعا، ولا تجد السهولة الجميلة إلا في الأزجال الغثة والأناشيد الوضعية، وما في منزلتها من الأساليب المبتذلة الركيكة. فإذا جعلنا السهولة ميزانا لنا في الفنون، واتخذنا الشيوع عنوانا على السهول، فقد نتمادى في ذلك حتى يصبح لثغر الأطفال في عرفنا نماذج البلاغة العليا، ثم تنحدر البلاغة سفلا حتى تنتهي إلى فحول الشعراء وأئمة الكتاب والفصحاء.
فلا صحة إذا فيمن يقول بأننا نعمل على تقديس القديم واستساغة ألفاظ العهد الغابر ذات الجرس الموسيقي، والذي لا يتمشى مع روح العصر ومستلزماته، فما هذا إلا محض افتراء وقدح معيب توصم به لغة البلاد الراقية النفسية. فالكتابات المبتذلة العادية والتي اجمل عليها حملتي الشعراء لا يمكن أن تجد دفاعا عنها في هذا المضمار بعد أن بينت