أو يزبد، ولست أقف هذا الموقف لأني آنس في نفسي قوة فوق قوة الشاب أو قدرة على الدفاع لم يؤتها سواي منكم معشر مساكين الأدباء، بل أقف موقفي هذا متدرعا بدرع قلدت فيه بعض شيوخ الأدباء، فقد رأيت أحدهم عفا الله عنه، وزاده بسطة في الأدب، وأمتع به بابي الجد والفكاهة في الكتابة، وحفظ عليه دهاءه وبهاءه - ولا مؤاخذة إذا لم يسعفني الخاطر الكليل بسجعة خير من تلك - أقول رأيت ذلك الصديق القديم قد لجأ إلى حيلة خلقها له عقله القوي، وهي أن يبدأ نزاله وطعانه بأن يتبرأ من كل ما كتب في الماضي وما يكتب في الحال والاستقبال من نثر ونظم، ومن جد وفكاهة. فإذاما وثق من أن الناس انخدعوا بذلك واعتقدوه، أقبل على المسكين أو المساكين الذين اختارهم لطعانه فما زال يخزهم ويضحك، ثم يطعنهم ويضحك وهو يتسلى بما يراه من عنف حركات مساكينه وعلو صراخهم. فإذاما دفع الألم أحدهم إلى الدفاع أو الانتقام وسدد طعنته إلى عضو من أعضائه قال له ثابتاً غير منزعج (ومن أدراك ان هذا العضو يهمني أمره؟ ومن قال لك أني أعبأ بطعنتك لي في هذا الموضع أو ذاك؟) فيصدقه المسكين وتنفجر عيناه بدموع الحنق والعجز ظناً منه أن هذا المنازل متحصن فيما لا مطمع فيه، ثم يرمي بحربته أو سهمه، ويعدل عن انتقامه، وتلك حيلة فطنت لها دون سواي من الأدباء، وستكون لي عدة في نزال الدفاع عن أفراد النقابة إذا ما التأم أمرهم، وتم اجتماعهم، فإذاهم جعلوني نقيبهم جعلت نفسي فداءهم، ولن يصيبني بفضل حيلة صديقي الشيخ أذى ولا ألم، وسأجعل همي أيها الأدباء الشبان إذا ما وفقكم الله إلى اختياري زعيماً لكم أن أقوم فيكم بدعوة أو (دعاية) كما يقول بعضهم تكون لكم فيها بركة إن شاء الله، وذلك أن أنصح لكم أن تقللوا من الاهتمام لما ينالكم من وراء ما تؤلفونه، وأن تقفوا من مؤلفاتكم موقف الناظر (المتفرج) لتروا ما يقول الناس فيها، ولكم الحق في أن تضحكوا ملء أفواهكم من سواكم سخرية إذا رأيتم أنه لم يوفق إلى فهم ما في مؤلفاتكم من جمال أو حقيقة وبذلك تكونون قد وقفتم من ناقدكم على سواة - فإذا لم تستطيعوا ذلك، ورأيتم أن الناقد قد أخذ عليكم مسامع الناس فأساء عندهم ذكركم، فأني أنصح لكم أن تروضوا أنفسكم على فلسفة الأستاذ الذي وصفت لكم حيلته حتى تصلوا بعد حين من رياضتها على تلك الفلسفة إلى مرتبة القدرة على أن تنظروا إلى مؤلفاتكم في شيء من الاحتقار، أليست مؤلفاتكم من صنعكم؟ وإذا لم تكن معجبة ولا باهرة، أليس في