وإن مرتاد الأناضول ليدهشه ما يراه من اعتقاد الناس فيه؛ فهو عند الأهلين: من أولياء الله المقربين. وهم يؤمنون بأن زيارة قبره تجلب البركة والخير العميم على زائريه. فإذا شك إنسان في شيء من هذا أصابه أذى أو مكروه جزاء جحوده ونكرانه.
وللأهلين في ذلكم الباب طرائف كثيرة، منها:
(أن مركبة مرت أمام قبره، وعليها هودج معمد (اعني ذا أعمدة). وكان يستقل الهودج أسرة فيها شاب لا يدين بالخرافات. فلم يشأ أن يجري على عادة الأهلين الذين تفرض عليهم التقاليد أن يترجلوا قبل أن يبلغوا قبره، وأن يقرءوا الفاتحة أمامه باسمين وإلا عرضوا أنفسهم لمساءة وشيكة، وربما حلت بهم كارثة عاجلة لا قبل لهم بها، ولا حيلة لهم في دفعها.
قالوا: وأصر الشاب على أن يستهين بهذا التقليد الصالح الذي جرت به العادة هناك. فماذا حدث؟
لم يكد الهودج يسير خطوات قليلة حتى اصطدم فيما يزعمون بفرع شجرة ممدود، فجفلت الخيل وقذفت بأفراد الأسرة على الارض، وتمزقت سجوف الهودج ورفافه.
فلا غرو إذا ثبت اعتقاد الأهلين في بركة الشيخ وقال قائلهم مباهياً:
منذا الذي يجرؤ على احتقار شيخنا، أو الاستخفاف به، بعد اليوم؟
وقد علق على هذه القصة بعض أفاضل الباحثين من الترك، فقال:
(ولا ضير من أمثال هذا الاعتقاد، فإن الاستنجاد بروحانية الأخيار افضل وأجدى مما يرتكبه المنكرون الجاحدون من شرور وحماقات.
قالوا أن عالماً متفقهاً في دينه، سأل زوجته: لماذا لم تكنس البيت؟ فقالت له (ذهبت إلى أمي اليوم، ولم اعد إلا ساعة الغروب) فقال: (لقد مرت ساعتان على ذلك فما بالك لم تكنسيه؟) فصاحت فيه متعجبة: كيف تقول هذا؟ إلا تعلم أن الكنس يحرم متى جن الليل؟) فضرب الرجل كفاً على كف وقال من أين لك هذا العلم أيتها البلهاء؟ أتحبين أن تعلميني ما ادرسه للناس كل يوم في المسجد من شؤون الحرام والحلال؟) فقالت له:(لا شأن لي بعلمك، فكذلك أخبرتني أمي وجدتي، وعمتي وخالتي، وأختي وجارتي، وعلى ذلك الرأي اجمع كل من عرفت)