فلما اشتدت اللجاجة بينهما قالت له الزوجة متبرمة:(اكنس أنت إذا شيءت ما دمت لا ترى في ذلك حرجاً)
فأمسك الشيخ بالمكنسة وراح يكنس هازئاً برأي صاحبته متحدياً إياها بين لحظة وأخرى. ولم يكد ينتهي من ذلكم حتى لدغته عقرب فصاح مغوثاً يقول:
(لعله علم وترك)
لعلنا نتعلم من هذه القصة ما يجب على كل رجل من الإذعان لرأي المرأة - ولو كان باطلاً وطاعته طاعة عمياء.
ومن عادة الأهلين السذج في (آق شهر) أن ينظموا الأشعار في أعراسهم بعد أن يذهبوا إلى قبر الأستاذ نصر الدين، ثم يوجهوا الدعوة اليه، وهذا نصها:
(أحضر شيوخك، واحضر من تحب من أصفيائك العلماء).
وليس يجرؤ أحد منهم على مخالفة هذا التقليد: وعندهم:
أن الحياة الزوجية لن تزدهر بين العروسين، ولن يباركها الله إذا غفلوا عن تنفيذ هذا التقليد.
ولا يقتصر المحتفلون على ذلكم، بل يدعون حارس قبره ليكسب حفلتهم بهجة وحبوراً بما يقصه عليهم من ملحه وطرائفه.
حفيد نصر الدين
ومن طريف ما يروى إن بعض حفدته قدم إلى الأستانة مع أسرته، في عهد السلطان مراد الثالث، في القرن العاشر الهجري (٩٨٢ إلى ١٠٠٣هـ)، ملتمساً من وزارة الأوقاف أن تقرر له إعانة شهرية يسيرة من المال تمكنه من شراء ما يتبلغ به من القوت. ولم يجد حفيد نصر الدين شيئاً يربط إليه دابته. ثم لم يلبث أن لمحت عيناه طبلاً كبيراً أمام باب الوزارة، يستخدمونه لتنظيم المواعيد، وتوقيت الحضور والانصراف، وما إلى ذلك مما تستخدم فيه الأجراس عادة. فشد صاحبنا دابته إلى ذلكم الطبل بعد أن ضاقت به الحيل في الاهتداء إلى غيره.
وكان في ساحة الوزارة - جمهرة من البغال التي تعدها الدولة - كل عام - للذهاب بما تحمله من مال ورجال إلى الحج. ولم تكد الدابة تستقر حتى ركلت الطبل برجلها - تعمدا