لست بمستطيع أن أخلع عليه ما لا أملكه. دعه فللسماء شأن معه!) وأسرع سيمون في خطاه لا يلوي على شيء. بيد أن ضميره أخذ يؤنبه. فتوقفت خطاه. وأخذ يهس في حيرة ويهمهم في وجل:(ماذا أنت فاعل يا سيمون؟! هب أن الرجل يلفظ آخر نفسه!. ألا تتقي الله في فرارك منه ورغبتك عن عونه!! أأنت في وفر من المال حتى تخشى أن تسرق؟! يا للعار يا سيمون.!) فانقلب آيبا إلى الرجل ونفسه مضطربة وقلبه يخفق. . .
دنا سيمون من الرجل الغريب، وراح يجيل الطرف فيه. . فرآه شابا على جمال وحسن! وليس على جسده أثر لجرح أو شج وقد جلس ثم معتمدا ظهره إلى جدار الكنيسة لا يرفع طرفه إلى سيمون من الوهن والضعف. فلما أحس بسيمون رفع رأسه إليه، وألقى إليه بنظرة. كانت كافية لأن تستدر كل ما يختلج بين جوانح سيمون من عطف ورفق وحب. فخلع حذاءه. وألقى عن نفسه رداءه. وقال في صوت خفيض فيه حنان وفيه رأفة:(ليس ثمة مجال للحديث!!. هيا ارتد هذا الثوب.) وأمسك سيمون بمنكبي الرجل، وأعانه على النهوض. . .
فلما نظر إليه - حينما انتصبت قامته - ألفاه. . . مديد العود. . . جميل الوجه. . . فألقى على كتفيه رداءه وأعانه على لبسه وهم (سيمون) يخلع قبعته ليضعها على رأس الغريب. فأحس برأسه يقشعر من البرد فقال في نفسه:(أني أصلع!. أما هو فله غدائر معقوصة فلا خوف عليه!. بل يحسن أن ألبسه حذائي. . .) فأقر قبعته على (صلعته) وأجلس الرجل. وجعل حذائه في قدميه. . . وهو يقول في جرس طيب عطوف (هيا. أيها الصديق. استشعر الدفاء ودع باقي الأمور تجري وفق مرادها أفي قدرتك أن تسير؟!)
فنهض الرجل ونظر في امتنان إلى سيمون دون أن ينبس ببنت شفه فقال سيمون:(لماذا لا تتكلم؟! أن البرد لقارص فلا بد من العودة إلى المنزل توكأ على عصاي وإلا أحسست بوهن وخوار. فاعتمد على ساعدي. . .)
وخطا الرجل في تعب وجهد. وفي خلال السير رفع سيمون صوته قائلا:
(من أين أنت؟!.)
- لست من هذه البقاع!)
(كذلك حدست. فأني أعرف القوم هنا.! ولكن كيف قدر لك أن تصير هكذا جوار