للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- بل يحسن بك أن تخبرني ماذا فعلت بالنقود؟!)

فأخرج (سيمون) الثلاث (روبلات) من جيبه وقال: (ها هي ذي النقود. . لم يؤد (تريفنوف) ما عليه. .! ووعدت زوجته بأنه سوف يدفع. . .) فلم يهدئ هذا من غضب مترونا. . . فهو لم يحضر الصوف. . . بل أنه ألبس وأحدا عاريا ثوبه وأتى به إلى بيته. . . فاختطفت النقود من يده لتضعها في مكان أمين وقالت لزوجها. . . (ليس عندي طعام. . . وما بمقدورنا أن نطعم كل سكير عار في العالم. . .!)

- قلت كفى مترونا خير لك أن تسمعي أي إنسان هذا -!)

- (أمن الحكمة أن أنصت إلى سكير؟! لقد كنت اعرض عن الزواج بك لهذا. .!)

حاول سيمون أن يخبر زوجته أنه لم يشرب إلا بالعشرين (كوبك). . . وحاول أن يبصّرها بالحالة التي وجد عليها صاحبه الغريب. . . بيد أن مترونا كانت تنطق بسرعة هائلة. . . وتذكره بأشياء مضت منذ عشرين عاما. . . وراحت تتحدث وتتحدث، وأخيرا أمسكت بسيمون وراحت تصيح:

(أعطني ثوبي. . . إنه الوحيد الذي أملكه. . .! وقد أعرته لك كي تحضر صوف المدرعة. . . ناولنيه أيها الكلب الأجرب. . . وليعبث بك الشيطان!!.)

فأخذ سيمون يخلعه. . . ثم ناوله إياها. . . فألقته على رأسها عمت بالخروج إلا أنها توقفت. . .! وقد جال في نفسها أن تعرف سر ذلك الرجل الغريب فقالت لسيمون:

لو أنه رجل مهذب لما أعجزه أن يستر نفسه بثوب يشتريه! أيمكنك أن تخبرني أين عثرت (عليه)؟!)

- هذا ما كنت على وشك أن أخبرك إياه. . . حينما أدركت الكنيسة وأنا في طريق العودة - أبصرته جالسا عاريا يكاد أن يتجمد من البرد والصقيع، فقد بعثني الله إليه قبل أن يقضى عليه الجوع والعرى، فماذا كان علي أن أفعله سوى أن أخلع ثوبي وألبسه إياه وآتي به معي؟ فما كان له من مأوى!! ما الذي يدرينا كم كان يلاقي من العذاب الشديد؟ لا تغضبي يا مترونا، أن هذا ذنب غير مغتفر، واذكري أننا سوف نموت جميعا يوما ما!)

وارتفعت ألفاظ الغضب إلى شفتي (مترونا)، ولكنها ما لبثت أن ماتت قبل أن تلفظها، فقد نظرت إلى الرجل الغريب وهو جالس في سكون ووداعة على مقعده، يداه معقودتان على

<<  <  ج:
ص:  >  >>