للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقبضت الروح. . . وسقطت الطفلتان من على صدرها، ومال جسدها على جانبها، فحطم ساق إحدى الطفلتين فالتوت. . . وهممت بأن أصعد إلى السماء أحمل الروح إليها. ولكن الريح أثقلتني وأخذت أجنحتي تتضاءل وتنسل من ظهري. . . فصعدت (الروح) وحدها إلى الله. . . بينما سقطت أنا على الأرض في جانب من الطريق!.)

فغر سيمون فاه. . . ونظرت (مترونا) في بلاهة يشوبها الدهش. . . لقد أدركا الآن من كان يضمه دارهم ويعيش بينهم ويأكل من طعامهم. . . فترقرقت الدموع في عيونهما. . . وراحا يبكيان في نشيج ومزيج من الرهبة والمرح. والإجلال والفرح وانطلق الملاك يقول: (لم أكن أعرف حاجات البشر من جوع وعرى حتى صرت بشراً مثلهم. . . كنت وحيداً. . . يهرؤني القر، واتضور من الجوع. . . ولا أدري ما الذي أفعله في هذا العالم

وامتد طرفي. . . فلمحت كنيسة على مرماه. . فتوجهت إليها عساني أجد ثمت موئلا. . . بيد أنها كانت مغلقة. . . فتوجهت إلى ما وراءها. . . حيث قعدت أتوقى بها لريح الصرصر التي تسفح الوجه، وتصك الجسد. . .!

فلما غشى المساء عيون الكون. . . رأيت إنساناً يقبل وحيداً على. . . وبينه وبين نفسه حديث. . . ولأول مرة رأيت وجه الإنسان ذلك الوجه المخيف الميت فأشحت عنه برأسي. . . وطرق سمعي ذلك الحديث أو تلك الخواطر التي كانت تضطرب بينه وبين نفسه. . . وتنعكس على شفتيه فيرتفع بها صوته. . . كان يتساءل كيف أنه يقي جسده لفحة البرد وقشعريرة الشتاء، ويغذي زوجته وصغاره بماله اليسير. . .

فرمت أفكر (هذا إنسان يدبر ملبساً له في الشتاء. . . وطعاماً لعائلة. . . فكيف يقدم لي يد المساعدة؟!) فلما لمحني اضطرب فرقاً وجزعاً ومر بي في الجانب الآخر من الطريق. . . فتداركني اليأس، لولا أني أبصرته ينقلب راجعاً إلي. . . فرفعت إليه بصري فلم أعرفه. . . لقد كان يرتسم الموت على جبينه. . . أما الآن فسوف يعيش. . . لقد عرفت في شخصه وجود الله عز وجل.! ألبسني ثوباً عليه، وأخذني معه إلى داره حيث وجدت من هي أقسى قلباً وأشد كلاماً. . . لقد شاع في صوتها الموت، وأبصرت من حولها الهلاك. . . كانت تود لو ألقت بي إلى قارعة الطريق. . . ولو أنها فعلت ذلك لكان الموت من نصيبها.!

<<  <  ج:
ص:  >  >>