للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ألسنة الأمم تترجم بها!

المسلمون؟ إن الإسلام أمر بغض البصر وستر العورة، ولعن الناظر إليها والمنظور!

الفرنسيون؟ إن الفرنسيين يكشفون أفخاذ السباب في الملعب فعلام تكشفونها أنتم في سوق الحميدية وهو للبيع والشراء، فيه الرجال والنساء وهو كالموسكي في مصر والشورجة في بغداد، ما كان قط ملعباً ولا ميدان كرة، وإن الفرنسيين ينشئون بيوتاً للهو واللذة وبيوتاً للعلم، وانتم جعلتم بيوت العلم بيوت لذة ولهو، وإن الفرنسيين كانوا يسترون سيقان الجند، فلما أستلمّ أنتم الجيش كشفتم عن أفخاذهم. . .

الروس؟ إن الروس فصلوا بين الجنسين في المدارس لما رأوا بالتجربة أن الاختلاط لا يأتي بخير، وانتم تسعون الآن بكل طريق لجمع الجنسين في المدارس.

العفاريت؟ الجن؟ فمن إذن؟ أنكون نحن بدعاً في الأمم نأخذ من كلُّ واحدة شر ما عندها، ونريد أن نبدأ حياتنا الاستقلالية بهذا الخليط من الشرور مركباً تركيباً مزجياً كحضرموت. . . إنه والله طريق الموت الحاضر لا طريق الحياة!

لا. لم أرد أن أنحو في هذا الحديث نحو الخطابيات، ولم أنشئه لأخاطب به العواطف وحدها، ولكن نحوت فيه نحو التدليل والتعليل، وقررت حقائق بادلتها، وأنا أدعو إلى مناظرتي فيه كلُّ مخالف في رأسه عقل، وفي يده قلم، وفي فيه لسان. . .

ولم أوجه للمسلم وحده، بل لكل من قال أنا عربي، لا أخص مسلماً ولا مسيحياً، لأن من صفات العربي التي تقوم عليها عروبته الشهامة والغيرة على الأغراض، ومن ادعى العربية ولم تكن له على العرض غيره، ولم يغضب لحرمه فهو كذاب دعي ليس بعربي.

وسيقول ناس من القراء: هذا رجل معروف بالدعوة إلى الرجعية فلا تسمعوا له أنه يريد بنا إلى الوراء، ونحن نريد أن نتقدم

وهذا كلام لا يناقش ولا يرد عليه، إنما يناقش كلام مؤيد بحجة، إنما يدفع اعتراض قائم على منطق، إنما يقرع الدليل بالدليل، فهل في هذا الكلام حجة أو منطق أو دليل؟

إنهم حفظوا كلمات فهم يرددنها لا يحاولون فهم معناها، يقولون: رجعية. . . وما الرجعية؟ هي الرجوع إلى الماضي، أي إلى أخلاقه وعادته، فما يمكن أن يرجع إلى زمان مضى، فهل الرجوع إلى مثل أخلاق المسلمين الأولين نفع أو ضرر؟ وهل يكون الداعي إلى تلك

<<  <  ج:
ص:  >  >>