ويخرج ليلي من القصر، وينغمس بيل في اللذات وينقطع عن الإنتاج الأدبي، ويتحول ناش إلى أدب الهجاء والقصة وهذا لا خطر منه، حتى إذا ما جاء عام ١٥٩٨ لم يشهد في حلبة الأدب المسرحي على الأخص من يناقش شكسبير أو يجاربه.
ومن المحال أن تذكر لأديب ما في ذلك العصر مأساة أو ملهاة كان لها ما لأدب شكسبير الدرامي من قيمة أو وزن. فلا عجب أن ترى أستاذاً جامعياً كبيراً كتوماس ميرز يضع شكسبير في مصاف المسرحيين العالميين الذين نبغوا في بابي الملهاة والمأساة. فقد وضع ميرز كتاباً أسمه (بلادس تاميا)(استعرض فيه المجهود الأدبي منذ تشوير) حتى عصر اليزابث، وتناول بالدرس والبحث نحو مئة وخمسة وعشرين أدبياً الإنجليز، مقارناً بين كلُّ واحد منهم وبين من يرى أنه يشبهه من أدباء العصر الاتباعي القديم، أو أدباء الطليان في عصر الرينسانس. وفي هذا الكتاب يشير إلى شكسبير مطرياً شاعريته الفذة، كما تجلت له قصيدتي (فينس وأودنيس)(ولوكريس) ويرى أن ليس دون أوفيد الشاعر الروماني العظيم مؤلف (المتامور فيسس) أوبلونس شاعر الملهاة عند الرومان، وسنيكا الفيلسوف الروماني تالذي برع في تأليف المأساة. فيقول ميرز إن شكسبير لا يقل عن هؤلاء جميعهم في مسرحياته (كوميديا الأخطاء، وجهد الحب الضائع وسيدا فيرونا، وحلم ليلة في منتصف الصيف، وتاجر البندقية، ورتشارد الثاني والثالث، وهنري الرابع، والملك جون، وروميو وجوليت، وتيطس أندرونيكس).
ولهذا القول ولتعداد هذه المسرحيات قيمة مزدوجة، الأولى وهي مجرد ذكرها وعزوها لشكسبير دون غيره، وفي هذا رد على الذين يعزون نظمها إلى غيره، وفيه دلالة على أنه ألفها قبل أن يبلغ الخامسة والثلاثين من عمره، والثانية تألق نجم شكسبير في سماء الأدب وازدهار شهرته الأدبية في برهة وجيزة ازدهاراً لفت إليه الأبصار.
ولم يقف الأمر عند إشفاق الأدباء، وقلقهم وجزعهم، أو ثناء البعض الآخر عليه وإعجابهم به؛ فقد وردت إشارات عدة في الأدب المعاصر تشيد بذكر هذا الأديب (ذي اللسان المعسول)(والعرق الذي يفيض شهداً)(والخلق السمح والبال الرخي).
ولقد كان له في نفس بن جونسون صديقه الأدنى وثاني الشعراء والمؤلفين المسرحيين بعده منزلة وطيدة راسخة الأثر، برغم أنه كان يغمره أحياناً ويأخذ عليه ما يبدو في أدبه من