(مترجم بو). والروائي الفرنسي العظيم ماريل بروست بدأ حياته الأدبية بترجمة بعض مؤلفات رسكن من الإنكليزية. وكلا بودلير وبروست يقدم مثالا رفيعا لأدباء استمدوا إلهاما عظيما من كتابات مؤلفين قاموا بترجمتهم ولورنس بلاد العرب قام بترجمة نثرية للأوديسة، بينما قام الروائي د. هـ. لورنس الذي قد يعد اعظم روائيي إنكلترا في القرن العشرين بترجمة روايات إيطالية عديدة، وإحدى هذه وهي رواية - لمؤلفها جوفاني فيرجا، تستحق من الشهرة أكثر مما لقيت ولورنس نفسه قد وصفها بأنها:(كتاب عظيم مخلد، إحدى أعظم روايات أوربا،). وهناك رجل أخر أسدى إلى الأدب يدا بيضاء بترجمته، وهو سكوت مونكريف الذي ترجم رواية بروست الضخمة إلى الإنكليزية، ولترجمة الإنكليزية في اثني عشر مجلدا، قام هو بترجمة جميعها إلى المجلدين الأخيرين، إذ حال الموت بينه وبين إتمام هذا العمل العظيم. ويقال أنه في زمن ما كانت عادة اغلب الناس في باريس أن يقرءوا رواية بروست لا في الفرنسية الأصلية، بل في الترجمة الإنكليزية. فهل يطمع مترجم في ثناء ابلغ من هذا الثناء؟
إن ترجمة الكتب الأجنبية كان لها على أدبنا الإنكليزي أثار عظيمة بالغة، وأبرز مثل لهذا هو الكتاب المقدس، فللكتاب المقدس في الإنكليزية ما للقرآن الشريف في العربية، هو ليس أساس التفكير الديني فحسب، بل هو قد صار قسما من الأدب، ومثالا للكتابة النثرية الفائقة.
بل إن التأثيرات العظيمة التي تأثر بها الأدب الإنكليزي في مختلف العصور كانت كلها راجعة إلى الترجمة. إليك مثلا الترجمات المختلفة للقران، أول ترجمة للقرآن إلى لغة أجنبية كانت ترجمة لاتينية قام بها في سنة ١١٤١ بطرس رئيس دير كلوني، وعاونه ثلاثة متعلمين مسيحيين وعربي، وظهرت أول ترجمة إنكليزية في سنة ١٦٤٩، ومن يومها طبعت ترجمات عديدة أخرى اشهرها ترجمات سيلورودويل وبالمر ومرمديوك بكثال، وهذا الأخير هو إنكليزي مسلم، آلف عددا من الروايات والقصص عن الشرق
ولكن الكتاب العربي الذي كان له أبلغ الأثر على أوربا هو آلف ليلة وليلة. وقد ظهرت له ترجمتان إنكليزيتان جيدتان قام بهما إدوارد لين وسير ريتشارد بيرتون، وإن لم تكن هاتان أول ترجمة للكتاب. والمستشرق البريطاني هـ. ا. ر. جب يقول عن أثر هذه الترجمات