الأولى لألف ليلة وليلة:(ليس من شطط القول أن نقول إن هذه الترجمة أمدت الكتاب الشعبيين بالهدف الذي طالما نشدوه، وإنه لولا آلف ليلة وليلة لما وجد روبنصن كروزو، بل ربما لم توجد رحلات جلليفر). بل قد قال بعضهم إن دانييل ديفو استمد الهام روبنصن كروزو من قصة حي بن يقظان التي آلفها ابن الطفيل، وكان قد ترجمها إلى اللاتينية المستشرق الإنكليزي القديم بو كوك. ويجب أن نذكر في هذا الصدد أيضا ترجمة فتزجرالد لرباعيات عمر الخيام، وهي إن كانت ترجمة شديدة التصرف فقد كان ملهمها الشاعر والمنجم الفارسي. كما قد زعم البعض إن رسالة الغفران لأبي العلاء المعري كان لها تأثير كبير على دانتي في كتابه (الكوميديا الإلهية). ومهما يكن من شيء فمن المحتمل إن عناصر إسلامية كثيرة توجد في هذا العمل العظيم لدانتي. وعن هذا يقول الأستاذ جب:(إن الاهتمام الذي كانت تتبع به الدراسات العربية في إيطاليا في زمن دانتي لا تجعل هذه النظرية أمرا مستحيل التصديق، وإن لم يكن من المستطاع بعد إثبات هذا إثباتا جازما إلا في الجزئيات. ولكن هذه النظرية نظرية جذابة، وأقل ما يجعلها ذات جاذبية أنها لو صحت لازدادت عبقرية دانتي سموا، إذ تكون قد الفت في وحدة منسجمة رائعة بين التراث المسيحي والصوفي القديم العظيم، وتجارب الإسلام الدينية ذات الغنى الروحي الزاخر.)
أما عن ترجمة المؤلفات الأجنبية إلى اللغة العربية، فنقول إن العرب قاموا بترجمات من اللغة اليونانية تعد من خير الأمثلة التاريخية على الفضل العظيم الذي يسديه المترجم إلى الجنس البشري قاطبة. كثير من المؤلفات الطبية والعلمية الأصيلة التي آلفها عظماء مؤلفي اليونان قد ضاعت، ولكن كثيرا من هذه المؤلفات المفقودة لا تزال موجودة في ترجمتها العربية، وهذا من حسن حظ العالم بأجمعه. ويمكننا أن نذكر من كبار مترجمي العرب أبا يحيى ابن البطريق، وهو من أول من ترجموا من اليونانية، وثابت بن قرة، ولكن أشهرهم جميعا هو بلا شك حنين بن اسحق، الذي كان يلقب بشيخ المترجمين. ومما يدل على علو مكانة الترجمة في العصر العباسي الأول إن حنينا كان يعطى له راتب شهري سخي، وإسن الخليفة المأمون كان يعطيه زنة كتبه المترجمة ذهبا. ومن الترجمات التي أنقذت من الفناء نصا مفقودا كتاب ابن المقفع (كليلة ودمنة)، الذي كان اصله باللغة السنسكريتية، والكتاب العربي مترجم من ترجمة فارسية للكتا السنسكريتي، وكلا الكتابين السنسكريتي