للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والفارسي قد ضاعا، حتى صارت الترجمة العربية أصل جميع الترجمات الموجودة ألان للكتاب في كل لغات الدنيا. ومما يدل على الأثر العظيم الذي كان لهذا الكتاب انه كان أحد المصادر التي استمد منها الشاعر الفرنسي لافونتين قصصه الخرافية عن الحيوان.

ولقد كان للترجمة اثر عظيم في النهضة الحديثة للأدب العربي، ومحمد علي نفسه قد أدرك ضرورة القيام بترجمة الكتب العلمية الفنية من اللغات الأوربية فأسس مدرسة للترجمة وجعل مديرها الكاتب القدير رفاعة الطهطاوي، وقد عرفت فيما بعد بمدرسة الألسن. وقد قام رفاعة نفسه بترجمة عدد كبير من الكتب الجدية من اللغة الفرنسية في التاريخ والجغرافية والفلك والقانون وغيرها من الموضوعات. وكان محمد علي هو الذي بدا إرسال البعوث إلى أوربا، ويقال انه عند رجوع الطلبة إلى مصر كان كل منهم يعطى كتابا في الموضوع الذي درسه ويحبس في القلعة ثلاثة اشهر حتى يترجم الكتاب إلى اللغة التركية. ثم تطبع هذه الكتب وتستعمل في المدارس. فإذا جئنا إلى الأجيال الأخيرة تسارعت إلى أذهاننا أسماء رجال كثيرين خدموا الأدب العربي اجل خدمة بترجماتهم. فمما لاشك فيه إن من اعظم الآثار على الأدب العربي الحديث الأثر الذي تركه المنفلوطي، والجزء الأكبر من مؤلفاته ترجمة أو كتابة ألهمها الأدب الغربي. ولقد بلغ من شعوره بحاجة الأدب العربي إلى دم جديد انه على الرغم من عدم معرفته باللغات الأوربية تكبد مشقة العثور على رجال يعرفونها وطلب إليهم أن يترجموا له الكتب الأوربية ثم يقوم هو بصوغها في قالب عربي حر. حقا أن الكتاب المعاصرين قد أمطروا المنفلوطي بسهام نقدهم المر، وهو نقد لاشك في عدله، وبخاصة مقالة العقاد عن المنفلوطي، فكتابات المنفلوطي بها عيوب ونقائص كثيرة، ولكن على الرغم من هذا كله فإن أياديه على الأدب العربي الحديث يجب ألا يستهان بها. ومن المترجمين المعاصرين يمكننا أن نذكر أحمد حسن الزيات. مترجم (آلام فرتر)، والدكتور محمد عوض محمد، مترجم (فاوست) لجوته، ومحمد السباعي، الذي ترجم إلى العربية كثيرا من روايات ديكنز كما نظم بالعربية رباعيات الخيام، وحافظ إبراهيم الذي ترجم (البؤساء) لهيجو. ويلزمنا أن نذكر أيضا ترجمات احمد الصاوي في (مجلتي) والعمل الذي تقوم به اليوم لجنة التأليف والترجمة. إلا انه لا يزال أمام المترجم العربي كنوز زاخرة، وبخاصة إن القارئ العربي والكاتب العربي

<<  <  ج:
ص:  >  >>