وأسلوب الأستاذ في سائر مؤلفاته سلس بين، خال من التعقيد والتصنع. فأسمعه حين يصف التعليم فيقول:
(التعليم فن، والمعلم فنان، وكما ينحت المثال من الحجر الأصم تمثالا بالشكل الذي يريده، فيصوغ منه ما يشاء من رموز الحياة ومعانيها، حتى ليخيل إليك إن الحياة تنبض فيه، كذلك يفعل المعلم!
غير إن المواد التي يعالجها المعلم مواد حية، حساسة شاعرة متأثرة. تدفعها ميول وغرائز، وبواعث شديدة التأثر والانفعال: مواد هي أرقى ما صاغته يد الخالق، قابلة للتكيف، تابعة لسنة التطوير، نامية فيها حياة وقوة.
هذه المواد، وهذه الوديعة الثمينة - التي يعهد بها إلى المعلم، وتترك إلى عنايته - هي الطفل. . .).
ثم الدكتور اسحق موسى الحسيني (المقدسي): وهذا العالم الدؤوب - بالرغم من إنه يتخطى حضارة العقد الرابع من سنيه - ما يزال يفاجئنا بين الفينة والفينة بسفر قيم، أو مشروع يرمي إلى أحياء الأدب أو تنشيط النهضة الثقافية.
ولقد صدر له إلى اليوم مؤلفات يخطئها الحصر وهي - إلى جانب ذلك - لطيفة الحجوم، إلا أنها (رغم ذينك) غزيرة الفائدة، يحدثك كل وجه فيها عما اقتضاه أعداده من تحر وتدقيق، واستقراء وتحليل. ومن هذه الكتب:
(مذكرات دجاجة) وقد صدر في سلسلة (اقرأ). ونال الجائزة الأولى لاتفاق القراء على تفضيله، و (عودة السفينة): وهو مجموعة مقالات ترمي إلى هدف واحد، هو العودة بهذه الأمة إلى ماضي عهدها المجيد، وأيامها اللامعة المشرقة.
كما أن له كتبا مخطوطة، ما يزال في سبيل أعدادها. منها كتاب جامع عن (ابن قتيبة) وفيه دراسات وافية لآثاره، وسفر كبير عن (الجامعات الإسلامية) يتناول فيها تاريخ نشوئها والأسباب التي كانت تدعو إلى ذلك. والدكتور في أسلوبه يميل إلى البساطة واليسر، وملاحقة المعنى دون المبنى. واليك نمطا من ذلك قوله في كتابه (عودة السفينة):
(إن العالم باقي وإن اختلفت مذاهب الناس فيه، وإن التهمت الحروب كل عام ملايين من