لأن المفروض في تلك السفينة أن ترسو على ما يقرب من الإثني عشر شاطئا، ولذلك كان من الصعب على الصيني - إذا كان بالفرض موجودا على سطحها - أن يعرف في أي الشواطئ سينزل الهولاندي لان الأخير كان متكتما ذلك بقدر الإمكان حتى أن الربان نفسه لم يكن يعرف وجهته بالذات. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فانه كان قد تنكر بحيث يتعذر على الصيني أو أي شخص آخر معرفته.
- ولما وصل الهولاندي إلى هنا قال لي وهو ينظر حوله بارتياح (إنني هنا في أمان، وإذا
أمكنني أن أظل هادئا لبضعة أيام أخر، فأنني لا البث أن استعيد صحتي، واسترد أعصابي
المنهوكة المتعبة!) فابتسمت له حينئذ وقلت مشفقا (امكث كيفما شئت وستكون بأحسن حالاهنا إلى أن تأتي السفينة التالية في الشهر القادم، وإذا شئت أن أراقب الذين يفدون إلى هذا
المكان فأنني على أتم الاستعداد لذلك).
فشكرني بلطف على عنايتي به، واهتمامي بأمره وقال (أظن انه لا داعي إلى ذلك ما دمت هنا في أمان).
وقد قدته بعدئذ إلى غرفته. فلما صار بداخلها اخذ يفحصها بعناية واهتمام ثم اغلق النوافذ والأبواب بالرغم من أنني أقنعته بأنه ليس هناك ما يستوجب كل هذه الاحتياطات.
ولما تركته أغلق ورائي باب الغرفة إغلاقا منيعا محكما كما لو كان يتوقع أن يهاجمه أحد!
وفي صباح اليوم التالي سألت الخادم الذي احظر لي طعام الإفطار عما إذا كان الهولاندي قد استيقظ من نومه، فأخبرني بأنه سيذهب ليراه. وقد سمعته بعدئذ وهو يقرع باب غرفته مرات دون أن يفتح له. فلما لم يسمع أي إجابة من الداخل طرق الباب اكثر من ذي قبل ولكن بلا فائدة. وهنا ساورني بعض القلق لأجله فقفزت من مقعدي وهرعت بدوري إلى غرفته وطرقت الباب بكلتا يدي طرقا عنيفا متواصلا ولكن بدون جدوى. وأخيرا دفعت الباب بكل قوتي ودخلت الغرفة ثم اتجهت إلى الفراش وأزحت الكلة بيدي، فوجدت الهولاندي قد فارق الحياة. وكانت عيناه جاحظتين وفيهما أثر رعب هائل، وفزع مخيف.