للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

العامة فيما يتصل بالعلاقة بين الحاكم والمحكوم، وبعض هذه المبادئ قديم يرجع عهده إلى أول المفكرين من الإغريق بالآراء الديمقراطية، ولكن ملتن يعرضها عرضاَ جديداً، بينما يعينه على حسن بيانه إياها سعة ثقافته، وبعضها يظهر فيه ابتكاره أكثر مما يظهر اعتماده على ما خلف غيره من المفكرين.

والكتيب في جملته عليه طابع ملتن في سمو بلاغته وشدة حميته وروعة أدائه، وهو في روحه العامة صيحة على الطغاة، وتنديداً بالمستبدين ملوكاً وحكاما ورجال دين، وقد افتتحه ملتن بتبرير ما فعل الجيش جميعاً، وعدّ ما لحق الملك جزاء عادلا من الله على ما قدمت يداه، وجعل جانباً كبيراً منه لتأييد حق الناس في اختيار حكامهم وعزلهم، واختتمه بحملة نكراء على البرسبتيرينز والقساوسة إلا من كره منهم الاستبداد وحاد عن سبيله.

وكانت الفكرة التي بنى عليها ملتن تبريره إعدام الملك، هي أن الدولة إن هي إلا أداة لخير الناس وأمنهم، ولذلك فإن إعدام الملك يتمشى مع القانون القائل: (بأن كل ما من شأنه أن يؤدي إلى سلامة المجموع إنما يعد عملاً قانونياً مشروعا).

ويتكئ ملتن على العقل والمنطق في الدفاع عن آرائه كما فعل في كتيباته عن الطلاق،، فأساس العلاقة بين الملك وشعبه الوئام والرضى، فإذا فقد ذلك فقد بطلت شروط تلك العلاقة، ومن ثم فلا علاقة بينهما، وللناس من الخروج عن طاعة حاكم يعمل لصالحه دونهم، (لأن سلطته في الواقع مستمدة من الشعب وفق قانون، وعن قسم أداه ليؤدي بها حق الشعب في الإصلاح والخير لا لأي شيء خلاف ذلك).

ويقول ملتن إن الإنسان حر بطبيعته، وأن الرجل العادل لا حاجة به إلى القانون، فهو يسير على نهج من طبعه، وما جعل الحكومة أمرا ضروريا إلا فساد الإنسان، والحكومة مصدرها الناس الذين وصفوا السلطة في أيدي الملوك أو الحكام على أساس شروط معنية. . . ويعرف ملتن الطاغية بناء على ذلك بأنه الرجل الذي يعتقد أن السلطة سلطته هو، وأنها ما خلقت إلا لنفعه وخيره. . .!

ويعتقد ملتن أن مرد الفساد والشر في السياسة كما في غيرها إنما هو سيطرة العاطفة على العقل، وعلى ذلك فمصدرها الشر في الملك عاطفة، وعواطف الشر في نفسه يوسوس بها الشيطان الذي هو أصل كل عاطفة شريرة، وان الواجب ليقضى بمقاومة مثل هذا الملك

<<  <  ج:
ص:  >  >>