للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وشعرت روزماري بألم غريب وضغطت بقفازها على صدرها وتمنت لو أن العلبة الصغيرة كانت معها لتتعلق بها أيضاً. ثم نظرت إلى سيارتها التي كانت تنتظرها في الشارع وفكرت في الذهاب إلى المنزل لتناول الشاي.

ولكن في لحظة تفكيرها في ذلك جاءتها من حيث لا تدري فتاة نحيلة قاتمة اللون وقفت قرب مرفقها وصدر منها صوت اقرب إلى الأنين منه إلى التنهد (أيمكنني أن أتحدث إليك لحظة يا سيدتي؟).

قالت روزماري (تتحدثين إلي أنا؟) ولتفت لترى مخلوقاً صغيراً مهدوما ذا عينين جاحظتين تتعلق يداه المحمرتان بياقة معطفها ويرتعش كما لو كان قد خرج توا من الماء.

تلجلج الصوت وقال (سيدتي! أسألك ثمن قدح من الشاي).

(قدح من الشاي؟) ولما كان في ذلك الصوت بساطة وإخلاص لا يجتمعان في صوت شحاذ سألتها روزماري (إذن ليس معك نقوداً أبداَ؟).

(أبداً يا سيدتي).

(يا للعجب) وتنهدت روزماري وتطلعت إلى الظلام وحملقت الفتات في وجهها.

وفجأة تصورت روزمارى مغامرة أوحت إليها بها هذه المقابلة في الظلام تشبه شيئا من رواية للكاتب العظيم دستوفسكي. لتفرض أنها صحبت هذه الفتاة إلى منزلها؟ ماذا كان يحدث لو أنها عملت شيئا مما طالما طالعته في الكتب ورأته على المسرح؟ سوف يكون شيئا رائعا. . . ثم خطت روزمارى إلى الأمام وقالت للفتاة (تعالي إلى منزلي لتتناولي الشاي معي).

فصعقت الفتاة لهذا العرض المدهش وارتعشت من شدة الاضطراب فمدت روزمارى يدها ولمست ذراعها وقالت وهي تبتسم (إني أعني ما أقول) وشعرت بمبلغ بساطة ابتسامتها ورقتها فأضافت (ولم لا؟ افعلي. تعالي معي في سيارتي).

أجابت الفتاة بصوت مفعم بالألم والحزن: (انك لا تعنين ما تقولين يا سيدتي).

فصاحت روزمارى: (ولكن جادة فأنا أريدك أن تفعلي أرجوك أن تأتي معي).

وضعت الفتاة أصابعها على شفتيها وأنعمت النظر في روزمارى وتساءلت بصوت متلجلج

(أتأخذينني للبوليس؟).

<<  <  ج:
ص:  >  >>