للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الإنسان في مصاف آلهة القدماء في التكوين والتخريب والتسخير لقوى عظيمة جبارة هائلة كالكهرباء والقوى الذرية والمواد العمياء وتقريب الأبعاد وكشف المستورات من خبايا الكون والتغلب على كثير من الآفات. . . أفتراني حينما افعل ذلك أكون قد خالفت رأي القرآن في الإنسان؟!.

إن الماديين يهدرون الإنسانية كلها وما أتى عن طريقها من دين وعلم ووحي أن زل على محمد وسابقيه من الرسل فليس القرآن بشيء في ميزانهم، وليس محمد وجميع الرسل في رأيهم سوى أفراد من تلك الإنسانية القردية التي تلغو وتزعم أن للغوها قيمة.

أفتساق الحجة لأمثال هؤلاء من القرآن أو التوراة أو الإنجيل وهم لا يعترفون بها ولا بمن نزلت عليهم ولا بالنوع الذي ينتسب إليه من نزلت عليهم؟ أم الأولى أن تساق الحجة إلى هؤلاء من رحاب الفكر والكون الواسعة بمنطق هذا الزمان ما دامت آيات الله في الآفاق والأنفس دائما تسعف الذين يخلصون لله ويخلصون الفكر في الكون؟!.

إن الفكر الديني آفته أنه يخاف غالبا اجتياز الحدود المورثة ولو أيقن أن وراءها مصلحة محققة، لأنه فكر يغلب عليه الاتباع لا الابتداع، وربما يكون ذلك مقبولا ما دامت طمأنينة النفس وسكينتها موفورة، ولكن اعتقد أن واجبه أن يأخذ الحجة حيثما وجدت ما دامت تسعف في إقناع المعارض أو إلزامه.

ثم أني اسأل صديقي بدوري كما سألني: كلام من يا آخي الذي يقول: (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا)، (ولقد كرمنا بني أدم وحملناهم في البر والبحر، ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا)؛ (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أن فسهم لا تقنطوا من رحمة الله، أن الله يغفر الذنوب جميعا، أنه هو الغفور الرحيم)؛ (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون)؛ (والعاقبة للمتقين)؛ (ولا اقسم بالنفس اللوامة) أي (الضمير)!؟.

أليس هذا كلام الله أيضا؟ وهل وراء سجود الملائكة لأبى هذا النوع تكريم؟ وهل وراء اختصاصه بعلم ما لا يعلمه الملائكة من غيب السماوات والأرض تفضيل؟ وهل بعد صبر الله وحلمه على ما يبدو من ظواهر الإفساد وسفك الدماء الذي يفعله الإنسان حجة على أن الغاية من خلق هذا النوع، أن ما هي غاية تربو فوائدها وبركتها على خسرها ولعناتها؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>