سيفي بحر اليمن شرقا وغربا الجمال المعنبرة. وذلك أن مسائمها على الساحل، وإذا اشتم الجمل العنبر به برك فلم يثر حتى يفتقده صاحبه، فيطلبه فيجده بالقرب منها فيلتقطها. فإن أبطأ عليه لم يبرح حتى تفتر قواه من الجوى وربما نفق فذلك خيفته عليها. صفة جزيرة العرب ص٣٧).
وقال في موضع آخر:(وباليمن من كرام الإبل الارحبية لأرحب بن الدعام من همدان والمهرية ثم من المهرية العيدية تنسب إلى العيد قبيلة من مهرة والصدفية والجرمية والداعرية تنسب إلى دعر من بلحراث والمجيدية ومنها الإبل المعنبرة. ص٢٠١)
وقسم أبو عبد الله محمد أبو طالب الأنصاري الدمشقي المعروف بشيخ الربوة المتوفى سنة ٧٢٨هـ العنبر إلى خام ومبلوع. وله نظرية في العنبر. أوهي نظرية المعلومات السائدة في ذلك العصر وهذه النظرية لا تتفق والمعارف العصرية كما ذكرنا عن الأستاذ حسن عبد السلام، ولا يفوتنا أن نشير إلى أنه نبه في آخر بحثه إلى ما هو معروف لدينا اليوم: قال قوم: أن العنبر زبل هذه الدابة.
ولا غرو أن نتيح له الفرصة ليتحدث إلينا بمعلومات أجدادنا العرب السابقين قال:
(ولهذا المحيط - يقصد بذلك المحيط المغربي - مد وجزر كما للمحيط المشرقي. ويقذف ساحله العنبر الخام من غالب جهاته ولاسيما من خلجانه. والعنبر نبع من عيون من جبال بقعر البحر المالح الفارسي والحبشي والهندي والمغربي والصيني والموسوي فيركب بعضه بعضا. وهو في حين خروجه شديد الفوران والحرارة فإذا لاقى برد الماء جمد على أحجار وصار جماجم صغارا وكبارا فيكون جموده كجمود الشمع إذا أصابه بعد ذوبه الماء البارد فيبقى لاصقا بتلك الصخور إلى أن يهيج البحر في زمن الشتاء فيقتلعه قطعا قطعا ويخرجه إلى سطحه فترمي به الأمواج إلى الساحل.
وأجوده الذي يقع إلى ساحل الشحر من بلاد المهرة فيلتقطه الجلابون؛ وربما ابتلعه سمك يسمى أوال فإذا ابتلعه مات من شدة حرارته فتريقه الأمواج أيضا فيشق عنه جوفه ويستخرج منه، وله رائحة زهمة ويسمى المبلوع والآخر الخام.
والعنبر إذا ألقاه الموج إلى الساحل لا يأكل منه حيوان إلا مات ولا ينقر منه طائر إلا أنفصل منه منقاره. وإذا وضع عليه رجليه نصلت أظفاره فإن أكل منه شيئا مات.