(مهما يكن من شيء. فأنا مؤمنة بالقضاء والقدر. أنت لن تستطيع النجاة مما سيحدث لك فهذا هذا، وما عليك إلا أن تتقبله بأحسن ما في استطاعتك. لن يستطيع ثعلب أن ينجو إلى الأبد، إذا كانت كلاب الصيد تطارده). . . أنا أتذكر ذلك جيداً، فإن هذه الملاحظة، برغم أنها شيء معهود طالما سمعناه على الرغم منا، ضايقتني إذ ذاك أشد مضايقة، حتى كدت لا أكتم سخطي؛ إذ وجدتها لا تنسجم مع ذلك الجمال العجيب، أو ذلك الوجه الذي كان يبدو مترقباً لحد الانفعالات العاطفية العظمى - وكنت واثقاً أن هذا الانفعال هو الخوف - فما يجئ هذا الانفعال حتى يصير ذلك الوجه آية رائعة من التعبير. . . ولكن ما أكثر ما ينطق الناس في هذا المجال بأفكار تخيب ظن المرء إذ لا يجدها تنسجم معهم. . . ثم إنها استرسلت تتحدث عن الأسواق في مقاطعات إنكلترة، وأسلمت نفسها إلى نوبات طفيفة من الاعتداد بالذات لم تنسجم معها أيضاً.
ولكني ساءلت نفسي في ذلك الوقت: أكانت حقاً نوبات من الاعتداد بالنفس؟ لقد شعرت بأنها أدخلتها في الحديث لا لتحدث وقعاً على نفسي بل لتدخل الراحة والاطمئنان على نفسها هي. فإن مثل هذا الاعتداد بالنفس يرتبط بالحياة اليومية، والحياة اليومية هي عادة خالية من البطولة والبسالة ومن النكبات والمآسي، كما أن الأفكار التي عبرت هي عنها كانت أفكار الحياة اليومية العادية. وقد تشبثت هي بهذه الأفكار لأنها كانت تتوق أشد توق إلى أن تقنع نفسها بأن حياتها ليست في حقيقتها إلا من ذلك النوع العادي، وأنه ليس من وجود فعلى لتلك النكبة العظيمة والمأساة القديمة التي ترتبط بها والتي هربت منها. فكل فكرة عبرت عنها، وكل مناسبة أشارت إليها، كانت كأنها تقرص نفسها لتتأكد من أنها صاحية ومن أن الكابوس المخيف قد زال. . .
ازداد الطقس اضطراباً، ولم أرهما بعد ذلك في ذلك اليوم. فقد تضاعفت حدة الزوبعة فلم يعد أحد ليجد متعة في الرحلة البحرية. بل لم يعد من المستطاع أن ينام المرء، وإن كانت الزوابع في العادة تجعلني أستغرق في النوم. فإن طرق عينك السبات لحظة واحدة في الليل فلا بد أن يوقظك في الحال صوت الأبواب تنفتح وتنصفق وتتصادم، أو يوقظك إحساس عجيب بأن الروح نفسها، تلك الذات النفسانية التي بني حولها الجسد، قد تنقلت من مقرها بعض الشيء. . . يسائل المسافرون أنفسهم، كعادتهم في خلال رحلة بحرية: (لم قمت بهذه