الرحلة؟) ولكني لم أشعر إلا بشعور واحد، شعور طالما أحسست به في المحيط الأطلنطي، وإن كنت قد قمت فيه برحلات كثيرة لم يكن عنها من محيد، ذلك الشعور هو الرعب. لم يغلبني دوار البحر، وإنما شعرت بالرعب من تلك الأودية الباردة في أعماق المياه تحت سطح البحر، تلك الأودية اللانهائية المتعرجة التي أخبرنا بأنهافي عمقها تماثل جبال البر في علوها. . . (وبهذه الناسبة (سامحني لقطعي حبل قصتي) ألم يزد الطقس اضطرابا منذ بدأنا حديثنا، أم ليس هذا إلا وهماً من أوهام مخيلتي؟)
فاضطررت إلى أن أعترف بأن الطقس قد تغير؛ فقد بدأت السفينة تترنحبصورة غير منتظرة.
(لقد ظننت كذلك) قال ذلك وتوقف برهة، ثم استرسل:(على أية حال ستكون القناة هادئة. . . ولكن لأستمر في قصتي: من حسن الحظ أنني كنت سأغادر السفينة في ماديرا، ولم يكن دونها إلا رحلة يومين. ولكن كم تشوقت إليها في ذينك اليومين، تلك الدرة البديعة المستقرة في وسط المحيط تحت غطاء سحاب الأطلنطي). .
كان اليوم التالي سيئاً للغاية، بحيث لم يعد المرء يهتم بشيء ما لا بالطعام ولا بالشراب ولا بالنوم ولا بالمسافرين: ولكني لاحظت مع ذلك أن المستر روفني جلس إلى طعام الغداء وحيداً. . . وفي الصباح التالي بدا كأن الزوبعة قد هدأت قليلاً، وفي أثناء تجوالي على ظهر السفينة قابلته.
صحت بحماسة كاذبة:(صباح الخير. . .! كيف أنت في هذا الصباح. . . يؤسفني أن أراك وحيداً).
فأجاب:(نعم إنه شيء مقلق. كم تمنيت أن يكون الطقس لطيفاً. . . فإننا نقترب من ماديرا الآن، وينبغي أن لا يكون الطقس هكذا. . . إنني أصارحك بأنه يزعجني. . . ليس ذلكلن زوجتي غير متعودة على الأسفار البحرية - فإنها الآن لا تشعر بالدوار - بل الحق أن الرعب يتملكها في أي سفينة!)
قلت:(ليس هذا شيئاً مخجلاً، فأنا أيضاً مرتعب. . . وأعتقد أن كثيرين جداً من الناس هم أيضاً كذلك، لو أنهم اعترفوا بالحقيقة!)
أجاب: (قد يكون هذا صحيحاً. . . ولكن الأمر مختلف بالنسبة إليها فإن آخر رحلة بحرية