يقول ويلز:(لقد أزدهر علم الطب والتداوي عند العرب على حين كان الأوربيون يجهلون هذا العلم الشريف ويحتقرون أربابه، إذ أن الكنيسة قد حرمته عليهم، وحصرت التداوي بزيارة الكنائس، والاستشفاء بذخائر القديسين، وبالتعاويذ والرقي التي كان يبيعها رجال الدين، ولقد كان لعلم الجراحة عند العرب أهمية كبرى؛ فقد كان جراحوهم يزاولن العمليات الجراحية الكبرى بطريقة علمية فنية، وساعدهم على ذلك ابتكارهم للمخدرات والمطهرات التي تشغل المكان الأكبر في علم الطب الحديث؛ على حين كان الأوربيون ينظرون إلى الجراحة كعمل منكر، ويستنكفون من النظافة لأنها تشبه الضوء عند المسلمين).
ونذكر من السابقين في هذا الميدان من أطباء العرب: طبيب طليطلة المشهور ابن الوافد (٩٩٧ - ١٠٧٤) صاحب كتاب (الأدوية البسيطة) الذي ترجم إلى اللاتينية أكثر من أربعين مرة، وقد وصف فيه أنواع من العلاجات، ترتكز على النظم الغذائية، وما زالت جهود العلماء حتى الآن منصرفة في هذا السبيل. أي بناء العلاجات على الأسس الغذائية.
ونذكر من الذين سموا بعلم الجراحة إلى مكان العلوم الراقية الجراح الكبير أبو القاسم خلف عباس الزهراوي، صاحب كتاب (التعريف لمن عجز عن التأليف) وقد شهد بنبوغه وتفوقه الجراح الكبير (فورج) فقال: لا شك في أن الزهراوي أعظم طبيب في الجراحة العربية، وقد أعتمده وأستند إلى بحوثه جميع مؤلفي الجراحة في القرون الوسطى. . . ويستحق كتابه في الجراحة أن يعد اللبنة الأولى في علم الجراحة)، وقد سبق الزهراوي إلى أشياء كثيرة، ومبتكرات عظيمة في علم الطب، فهو أول من بحث في علاج الأقواس الضرسية، ومعايب الفم، وضغط الشرايين، وهو أول من وصف عملية تفتيت الحصى في المثانة، واستخراجها بعملية جراحية، وعالج الشلل، ووصف كيفية استخراج الأجسام الغريبة من الإذن، وداوى الجراحات الكبيرة، ووضع أساساً لمعالجتها بالطرق الجراحية، ووصف علاج الباسور بالكي، وتكلم في فن الولادة، وهو أول من أستعمل خيوط الحرير في العمليات الجراحية، وعالج النزف بالكي، وما تزال أوربا حتى الآن تدرس نظرياته الطبية في جميع معاهدها.
ومن عباقرة العالم في هذا الباب أيضاً (أبو بكر الرازي) المعروف بأبي الطب العربي؛ ولكتب الرازي أهميتها العظيمة في علم الطب، فد وصف الجدري والحصبة، وعرف