للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا يقل مشقة عن عملك).

- كيف ذلك؟ انظر إلى مشقة توزيع الألوان والوقوف طيلة اليوم أمام منصة الرسم! كل هذا يروقك أنت يا (هوفي) ولكني أؤكد لك أن هناك لحظات يكاد يصل فيها الفن إلى منسوب العمل اليدوي. والآن أوجز ولا تثرثر لأني جد مشغول؛ فدخن سيجارة والزم الهدوء.

وبعد فترة من الزمن دخل الخادم وأخبر (تريفور) أن صانع الإطارات يريد مقابلته. فقال (تريفور) وهو خارج (لا تجر يا (هوفي) فسأعود بعد لحظة).

وانتهز المتسول فرصة غياب (تريفور) ليستريح على مقعد خشبي وراءه، وكان يبدو عليه البؤس والشقاء حتى أشفق عليه (هوفي) فبحث في جيوبه ليعرف ما عنده من نقود، وكان كل ما وجد جنيهاً وبضعة سنتات، ثم فكر في نفسه (هذا الزميل العجوز المسكين يفتقر إليها أكثر مني) وذرع الأستوديو ونفح الشحاذ بالجنيه.

تحرك الرجل العجوز وعلت شفتيه اليابستين ابتسامة صفراء وقال (شكراً يا سيدي، شكراً).

ولما عاد (تريفور) استأذن (هوفي) في الخروج ووجهه محمر لما فعل. وقضى ذلك اليوم مع لورا، وقبل الإياب إلى منزله ظفر منها ببعض التأنيب والتقريع لتبذيره.

وفي مساء ذلك اليوم بينما كان (هوفي) يتجول في نادي (الباليت) في الساعة الحادية عشرة وجد (تريفور) جالساً وحده في غرفة التدخين فقال له مشعلاً سيجارته: (أأتممت الصورة على ما يرام؟).

- تمت ووضعت في الإطار يا بني. ولئلا أنسى لقد قمت بغزو، فذلك النموذج يدين لك بالإخلاص الشديد، وقد أطنبت له في الحديث عنك - من أنت، وما هو دخلك، وما هي آمالك -

- (يا عزيزي آلن) صاح هوفي (ربما وجدته في انتظاري عند عودتي إلى المنزل؛ ولكنك تمزح بدون شك. مسكين هذا العجوز البائس! وددت لو استطعت مساعدته. إنه لشيء مرعب أن يصل إنسان ما إلى هذا الدرك من البؤس. أتعتقد أنه يحفل بشيء مما عندي من أكوام الملابس القديمة؟ وكيف لا! فإن أسماله كانت تتساقط قطعاً).

<<  <  ج:
ص:  >  >>