ولا يدري هذا الأب المغفل القرنان أن ليست عاقبة هذا إلا فضيحة تقصم الظهر أو مرضاً يحمل إلى القبر، ثم إنها لظى نزاعة للشوى، تدعو من أدبر وتولى!
أقول: إن هذه المقالة شغلت الناس، واختلفت فيها آراؤهم، وكان من أعجب ما سمعت من التعليق عليها، أني كنت في الترام، وكان الترام في تلك الساعة خالياً، فسمعت حديثاً بين امرأتين في غرفة النساء، لا أراهما ولا ترياني، موضوعه التعليق على هذه المقالة، ولست أروي من هذا الحديث إلا كلمتين اثنتين تدلان عليه، قالت الأولى:
- يُهْ! ما تردّي عليه؟ ينزل عليه الدم إن شاء الله، وعلى المشايخ كلهم!
وليصدقني القراء إذا قلت لهم إن هذا كلامهم بالحرف الواحد! وأنا لا احب أن أرد الشتائم ولا أحسن مثلها مع الأسف الشديد، إنما أحب أن ابحث في اصل الموضوع، أما رأسي فقد عجزت عن كسره أقلام كتاب فحول، حاولته من قبل، والسنة خطباء مقاول، وعصيّ حكام جبابرة، فلن تكسره أقلام طرية، في أيدٍ ذات سوار، رخصة البنان، محمرة الأظافر. لا يا سيدتي، إن الله قد صنعه من (مواد غير قابلة للكسر)، فدعن رأسي وتعالين نتناظر (مناظرة هادئة) في هذه النهضة النسائية، فذلك أجدى عليكن من كسر رأس لا تستفدن من كسره شيئاً. . . لأن رؤوس (الرجعيين) لا تزال كثيرة جداً!
ما هي هذه النهضة النسائية؟ بماذا تختلف نساء اليوم عن نساء الأمس؟ أنا ألخص الاختلاف في كلمات:
كانت نساؤنا تقيات جاهلات متحجبات مقصورات في البيوت، فرقّ دينهن وتعلمن وسفرن وخالطن الرجال، فلننظر في كل خصلة من هذه الخصال، أكانت خيراً أم كانت شراً: أما الدين على (إطلاقه) وخوف الله في السر والعلن، وما يكون معه من الاطمئنان والرضا، والإحسان إلى الناس، والبعد عن الفواحش، وترك الكذب والغش والحسد والمكر، وهذه خلائق يوحي بها كل دين من الأديان الصحيحة والفاسدة، فلا يشك عاقل في أنه خير، وأن تركه شر، وأن هذه النهضة بإبعادها النساء عن شرعة الدين، قد أضرت ولم تنفع، وكان