ضررها مضاعفاً مكرراً، لأنه إن جاز أن يمنع الرجل من الفاحشة خلقه وإرادته، فقد ثبت أن المرأة لا يمنعها منها إلا دينها!
وأما العلم، فهو خير للمرأة بشرط أن تتعلم ما يصلحها ويصلح لها، وألا يوجب تعلمها اختلاطها بالرجال، لأننا إن قدرنا العلم قدره، وعرفنا له فضله، فلا نستطيع أن نفرط من أجله بالشرف ولا نضيع العرض، وهما أكبر قدراً وأكثر فضلاً، وليس معنى هذا أن كل اختلاط يؤدي حتماً إلى إضاعة العرض، لا، ولكن الغرائز موجودة، والشهوات مستقرة في النفس، إن منعها سدّ فقد تطغى فتحطم السدّ أو تعلو عليه، ومن حام حول الحمى يوشك أن يرتفع فيه، والعبرة بالشائع الغالب، لا الأقل النادر، وعلى ذلك نزلت الشرائع ووضعت القوانين، ولو كان احتمال سقوط المرأة في هذا الاختلاط واحداً في الألف لوجب منعه وتحريمه، لأن أمة في كل ألف من نسائها واحدة ساقطة لأمة فاجرة ليست بذات خلق قويم، ولا تستحق أن تعيش. . .
ونحن لا نكره أن نرى في نسائنا أمثال باحثة البادية، ووردة اليازجي، ومي، وماري عجمي، ووداد سكاكيني، ولكن أين السبيل إلى أن نوجد أمثالهن؟ وهل توصل إلى ذلك مدارسنا؟ إننا نبصر فتيات يتجاوز عددهن الآلاف المؤلفة، يقطعن الطرقات كل يوم إلى المدارس، غدواً إليها ورواحاً منها وهنْ بأبهى زينة وأبهج منظر، يقرأن كل ما يقرؤه الشبان من هندسة وجبر ومثلثات وكيمياء وفيزياء وأدب غَزِل، ويتعلمن الرسم والرياضة والغناء، ويدخلن مع الشباب في الامتحانات العامة، ويحملن مثلهم البكلوريات والدبلومات، ويجمعهن مجلس بعد هذا كله بالعاميات الجاهليات، فلا تجدهن أصح منهن فكراً، ولا أبعد نظراً، ولا ترى لهذا الحشد من المعلومات الذي جمع في رؤوسهن من أثر في المحاكمة ولا في النظر في الأشياء، فكأن هذه المعلومات الأغاني التي تصب في اسطوانات الحاكي (الفونوغراف) إن أدرتها سمعت لهجة فصيحة، وكلاماً بيناً، ونغماً حلواً، فتقول أنها تنطق، فإذا سألتها وكلمتها رأيتها جماداً أخرس، ليس فيها إلا ما استودعته من الكلام الملحن. . .!
وهذا حق، ما أردت بسرده الانتقاص، ولكن بيان الواقع ثم إن تزوجن لم يمتزن إلا بإهمال الولد، وتركه للخادمات والمراضع، والانصراف عن الدار وأعمالها، والترفع عن الزوج، ثم إنه لا يعجب إحداهن إلا أن تلقي في زوجها حماراً (ولا مؤاخذة) تركبه إلى غايتها، لا