رجلاً تحبه وتطيعه ويحبها ويرفق بها وإن هي اشتغلت معلمة أو محامية أو طبيبة، لم تكن إلا (دون الوسط) في المعلمين والمحامين والأطباء، فما هذا العلم؟ ولماذا لا تتعلم ما ينفعها امرأةً وزوجةً وأماً وربة بيت؟ ولماذا لا تتعلم مع ذلك التحرر من عبادة (الموضات) والأزياء، ومن حب تقليد النساء الغربيات حتى فيما هو ضرر محض، وأن يجعل لها العلم استقلالا في فكرها، تتبع كل ما تجده صالحاً ولو كان مخالفاً للموضة، مبايناً لما عليه أهلها؟
وأما الحجاب، وأعني به ستر الأعضاء التي تثير غرائز الشر في نفوس الرجال، حتى تبقى الفتاة كالجوهرة في صدفتها، لا يصل إليها سارق ولا غاصب، فأنا أفهم سبب ثورة الفساق من الرجال عليه. إنهم يريدون أن يستمتعوا بالجمال المحرم عليهم، ولكني لا أفهم أبداً لماذا يقلدهم النساء في هذه الثورة، وما وضع الحجاب إلا لصيانتهن وإكرامهن؟ وما يضر السيدة الفاضلة المتعلمة إذا لبست اللباس المحتشم الساتر، وهي ترى الرجل الذي تحاول التشبه به لا يكشف إلا وجهه وكفيه، مع أنها هي التي ينبغي ألا يظهر منها إلا وجهها (عند أمن الفتنة) وكفاها؟ فانعكست الحال، وانقلبت الأمور، حتى احتجب الرجال وتكشف النساء؟ وما الذي ربحناه من السفور؟ ليجب من كان عنده جواب مقنع، أما أنا فأدعي أننا لم نربح منه ألا الشرور والفجور، والدلائل حاضرات:
أما الاختلاط، واشتغال المرأة بأعمال الرجال، فأنا اعجب من مطالبة المرأة به، ولا أفهم من منا يريد لها الخير، ومن الصديق لها ومن العدو!
نحن نريد لها أن تكون سيدة حقاً مخدومة لا خادمة، تأتيها حاجتها من غير أن تسعى إليها، وهم يريدون أن تسعى وتزاحم الرجال حتى تصل إلى خبزها، ولو اشتغلت باخس الصناعات وأحط المهن، ويدعون مع ذلك انهم أنصار المساواة.
أين المساواة إذا حملت على ظهرها مثل حمل الرجل وهي تحمل في بطنها ولده، وأخذت مثل وظيفته وهو يغذي نفسه وهي تغذي نفسها وتغذي من ثديها ابنه؟
ثم إنكن تقلدن أوربة، مع أن المرأة تشتغل في أوربة عن عوز وحاجة، وكريمات السيدات لا يشتغلن شيئاً، إنما تعمل البائسات الفقيرات ويتمنين زوجاً يخلصهن من جهد العمل، وإن عقلاء أوربة يصيحون شاكين من مزاحمة المرأة الرجل. فقد عطلت بيتها، وشغلت الرجل ب (غير العمل. . .) فقللت إنتاجه، ورضيت بالأجر الخسيس، فنزلت الأجور، فأضطر