للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المطالعة والدرس؛ فقد كان ميله إلى العزلة من الظواهر الواضحة في حياته؛ وقد كرهت إليه محبة العزلة لقاء الناس وغشيان مجالسهم أو سوامرهم، وعنده من الكتب عن ذلك عوض. ففيها لنفسه ولعقله متعة حق متعة.

ونستطيع أن نتبين مقدار ما كان بينه وبين نابه عصره من جفاء مما ذكرته أرملته عن رأيه في هوبز الفيلسوف الكبير قالت (لم تكن له معرفة به، وكان لا يحبه زوجي أبداً وإن كان يصرح أنه رجل ذو نواح عظيمة).

وكان من احب أصدقائه إليه وأكثرهم اختلافاً إلى منزله وأقربهم مجلساً منه لورنس وسيرياك سِكَزْ ونيدهام وهارتلب وأولدنبرج وأندرومافل، وكان الأولان تلميذين له أما البقية فكانوا من ذوي المكانة الأدبية وعلى الأخص أخرهم ذلك الذي اختير مساعداً لملتن في وظيفته الرسمية سنة ١٦٧٥، وكان مارفل متين الخلق كصاحبه لا تضعضعه النوائب ولا تحني رأسه الفاقة، وكان أصغر من ملتن باثنتي عشرة سنة وكان مثله متخرجاً في كامبردج، وقد احب ملتن حبا شديداً وأعجب به إعجابا عظيما فتوثقت بينهما عرى المودة وظل مارفل على ولائه له حتى فرق بينهما الموت.

ويذكر فيلبس أنه كان يزور خاله أبان السنوات الثمانية التي قضاها فيما يشبه العزلة قبل عودة الملكية عدد كبير من ذوي المكانة ثم لا يشير إلا إلى اثنين: ليدي وانالا ودكتور باجت، وكانت ليدي رانالا على حظ من الذكاء غير قليل كما كانت ذات ثقافة وذات ميول حرة؛ وكانت قد وكلت إلى ملتن تعليم ابن أخ لها ثم ابنها من بعده، وقد أعجبت بالشاعر العظيم ولما كان لا يستطيع زيارتها كانت تزوره هي وتستمع في إكبار وإجلال إلى حديثه. . .

وحدثت عنه دبورا إحدى بناته فقالت: (إنه كان جليسا مؤنسا، وكان حياة حلقة من الصحاب تدور به، وذلك لأنه كان يتدفق بشتى الأحاديث والموضوعات وكان عذب الروح مرحاً ذا مودة في غير تكلف لشيء من هذا).

والحق أن ملتن كان لين الجانب طلق المحيه محبب العشرة صادق المودة لمن يجلس منه مجلس التلميذ من أستاذه وهؤلاء هم خاصته الذين ذكرنا، وكانت لهجته في مخاطبتهم لهجة المعلم، وكان يتلو عليهم ما يظن أنهم في حاجة إلى معرفته ولا يجب أن يجادلهم أو يبادلهم

<<  <  ج:
ص:  >  >>