مسنات، أو كن مستورات محجبات، أو لو كن صائمات مصليات يخفن الله، لهان الأمر، ولكنهم يجتمعون بهن على سفور وحسور وتكشف، وتنطلق البنت حرة تزور معلمها في داره، وتمشي معه إن دعاها إلى السينما أو المتنزه، كذلك يرى الآباء اليوم بناتهم فلا ينكرون ذلك عليهم. .!
أنا لا أقول إن الآباء كلهم لا يهمهم أعراض بناتهم، وأن كل أب قرنان، معاذ الله أن أقول ذلك، ولكن هؤلاء الآباء قوم مغفلون، أعمى أبصارهم بريق الحضارة الغربية فحسبوا كل شيء يجيء من الغرب هو خير وأعظم أجراً، ولو كان ذهاب الأعراض والأديان والأبدان! إن هؤلاء كالنعامة يلحقها الصياد فتفر منه حتى إذا عجزت أغمضت عينيها ودست رأسها في التراب لظنها أنها إذا لم تبصر الصياد، فإن الصياد لا يراها! إن هذا الأب يحسب أن كل رجل ينظر إلى بنته بعينه هو، وطبيعي منه ألا ينظر هو إليها بعين الشهوة، فلذلك يطلقها في الشارع، ويبعث بها إلى المدرسة على شكل يفتن العابد، ويحرك الشيخ الفاني. .!
دخلت يا سيدي ودرست، وكنت أغض بصري ما استطعت وأحافظ على وقاري، ولا أنظر في وجوه الطالبات إلا عابساً، ولا أقول كلمة في غير الدرس المقرر، وكنت مع ذلك أداري من أثرهن في أعصابي مثل شفرة السيف الحديد، وإذا قرع الجرس خرجت قبلهن مهرولاً حتى لا أماشيهن ولا أدنو منهن، فذهبت مسرعاً إلى داري أصلي وأسأل الله أن يصرف عني هذه المحنة، وأن يجعل رزقي في غير هذا المكان، وكنت أصوم وأقلل الطعام لأطفئ هذه النار، فإذا مشيت إلى الفصل وسمعت كلامهن، وسبقت عيني إلى بعض ما يبدين من أعضائهن وزينتهن زادت ضراماً واشتعالاً. .!
وكان فيهن طالبة هي. . لا. . لست أصفها ولا ينفعك وصفها، وحسبك أن تعلم أنها زكية ومتقدمة في رفيقاتها، وأنها من أسرة من أنبل الأسر، وأنها فوق ذلك جميلة جداً. . جداً. . إنها تمثال، هل رأيت مرة تماثيل الجمال والفتنة. .؟ وكانت كلما نظرت إليّ قرأت في عينيها كتاباً مفتوحاً، ورسالة صريحة لي أنا وحدي، وأحسست منها بمثل شرارات الكهرباء تخرق قلبي. . فكنت أزداد عبوساً وإعراضاً، فلا يردها عبوسي ولا يثنيها إعراضي، وأسرعت مرة ورائي وأنا خارج وهي تناديني (سؤال يا أستاذ). . ولها في