للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ديناً، ولكنها بقية باقية من حكومة روما، وعلى ذلك فلا تسامح معها في انجلترة خوفاً على سلامة الدولة، فما يضطهد الكاثوليك لمذهبهم، وما عوقبوا من قبل لإلحاد أو زبغ ولكن لخيانة؛ ومهما يقل ملتن فلن يستطيع أن ينفي عن نفسه ما يكرهه من غيره من اضطهاد وإكراه؛ وألح ملتن في هذه الرسالة في مطالبة البرلمان بما طالب به كرمول من قبل، وهو ألا تكون هناك كنيسة للدولة.

ونشر في أغسطس من السنة نفسها كتيباً عنوانه (نظرات في أمثل الطرق لطرد المأجورين من الكنيسة). وعنده أن أمثل هذه الطرق أن تتخلص الدولة من هؤلاء القساوسة جملة؛ فإطعام هؤلاء يمكن أن يوكل إلى من يقومون على رعايتهم وهديهم؛ وفي استطاعة القساوسة أن يجدوا لأنفسهم عملاً آخر وذلك خير لهم؛ وفي رأيه أنه ليس ثمة ضرورة لهؤلاء القساوسة، وأن المال الذي يعطي للكنيسة يمكن إنفاقه في أوجه كثيرة هي خير مما ينفق فيه، كأن تبني مدارس وتنشأ مكتبات تلحق بهاتيك المدارس، حيث يتعلم الناس اللغات والفنون بغير أجر تعليماً شعبياً لا يعوقهم عن مزاولة أي عمل يكسبون منه أقواتهم فتستنير بصائرهم ويرتفع مستواهم الثقافي فتنتشر المدينة في أنحاء الدولة.

وينبغي ألا يذهب رجال الدين إلى الجامعات، فما يتركون فيها إلا أسوأ الآثار، فهم كطلاب يكونون في الأكثر ضيقي الأفق أغبياء وليسوا أحسن حالاً وهم رجال، وخلاصة القول أنه يجب أن تتخلص المسيحية من هؤلاء المأجورين لتتحقق لها السعادة، فإن إفساد الدين على يد السلطة الزمنية يكون بإحدى وسيلتين القوة أو المال، وإفساده بالمال أشد من إفساده بالقوة، لأن القوة ممثلة في الاضطهاد قد تؤدي إلى ازدياد الاستمساك بالدين، ومن ثم تمتد جذوره وتسمق فروعه؛ أما المال فبه تشتري الضمائر وبه تستأجر الضعاف والجهلاء من المرشدين والقائمين على أمر الدين، ومن هنا يكون التدهور والفساد الحق

ولم يعد ملتن بطائل من وراء هاتين الصيحتين، فقد كان البرلمان في شغل بما هو أخطر من المسائل الدينية، فقد أخذت تصطرع الأهواء في عهد ريتشارد حامي الجمهورية الثاني، وتزايدت الدعوة إلى إعادة الملكية، وقل أنصار الجمهورية في البرلمان، وعاد إلى البرسبتيرينز شيء من قوتهم فرغبوا في الثأر من المستقلين وتفرق الناس على هذه الصورة شيعاً وأحزاباً، فلا غلبة إلا لمن يثبت أنه أقوى جنداً أو أكثر نفراً

<<  <  ج:
ص:  >  >>