للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وعلى هدى هذا البيان يظهر أن مواضع النقد الأدبي هي:

أولاً: التجربة الشعورية أو الشعور كما يبدو من خلال التعبير

ثانياً: التعبير بخصائص التي أسلفنا عنها الحديث

ونقد التعبير وخصائصه والحكم عليها سهل نوعا إذا قيس بنقد الشعور والحكم عليه، لان إخضاع خصائص التعبير لقواعد عامة آمر مستطاع - مع ما هذا من حرج - ما دمنا نملك وضع قواعد للنقد الأدبي فيها سماحة كبيرة وشمول، بحيث تسمح بظهور الخصائص الشخصية كاملة في كل أديب، ولا تقيده باتباع (مشق) معين في طرق الأداء أو طرق التعبير!

أما إخضاع خصائص الشعور لقواعد معينة فتحكم في النفوس والطبائع والمشاعر غير مأمون، والحكم على الشعور الإنساني مسالة ليست من حقنا على إطلاقها، فقد يطرق الأديب عوالم من الأحاسيس والخطرات والانفعالات لم تتهيأ لنا من قبل لأنه هو إنسان ممتاز غير مكرور!

ولكن ماذا نصنع؟

ترانا نقبل كل شعور ونعده في صف واحد مع كل شعور آخر من حيث قيمته الفنية، مادام صاحبة قد عبر عنه بطريقة صحيحة من ناحية التعبير؟

إننا بهذا نبخس العمل الأدبي قيمته، لأننا نعده صوراً وألفاظاً خارجية، لا رصيد لها في عالم النفس والشعور.

ولحسن الحظ أن لدينا حقيقتين واقعتين في هذا المجال: أولاهما أن التجارب الشعورية الإنسانية مشتركة في مساحة واسعة من النفس الإنسانية؛ وثانيتهما أن الناقد هو الذي يستطيع أن يعلل لنا حكمه.

وفي الحقيقة الأولى ضمان بان عدداً كبيراً من الناس سيدركون قيمة التجارب الشعورية التي يصورها الأدب، لأن لها صدى في نفوسهم على كل حال، وإذا لم يتحقق هذا في جيل، فإن تتابع الأجيال كفيل بتحقيقه، فركب الإنسانية متصل المواكب، والتجارب الشعورية ملك للجميع.

وفي الحقيقة الثانية ضمان بان الحكم على قيمة شعور ما لن يلقى مجرداً كإشارات الصم

<<  <  ج:
ص:  >  >>