للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الأحياء في حفل شهده الناس؛ ولن يصل الحقد والحنق فيما نرى إلى ابعد من هذا، ولن يكون في السخف ما هو اسخف من هذه الفعلة التي نحار كيف نصف شناعتها، وأي نعت ننعتها به، وإذا كان هذا موقف الحانقين من الموتى فكيف بموقفهم من الأحياء ومن ملتن على الأخص ذلك الذي دافع عن إعدام شارل والذي ناصر حكومة كرمول بكل ما في طاقته من جهد، والذي لم يأل جهداً في السخرية من أسرة ستيوارت وأطلاق قلمه فيهم بكل عيب، والذي ظل عدواً للملكية يرى فيها شراً محققاً ويدعو الناس إلى كراهيتها بكل ما في وسعه من أوجه القول ووسائل الإقناع إلى ما قبل عودتها بنحو شهرين. . .

ولم يك يشك أحد من أعدائه انه يتحدى الموت، وإلا فما باله يريد أن يسمع الشجر والحجارة ما لا يريد الناس أن يسمعوا، وما باله يظل على عناده لا يتزلزل ولا يتحول، وأيقن أصدقاؤه أن الموت لا محالة جزاؤه، فحملوه إلى سمنفيلد حيث أخفوه أربعة اشهر من مايو إلى أغسطس ١٦٦٠.

وفي أواخر أغسطس اصدر الملك عفواً عاماً عن أعدائه السياسيين إلا من جاءت أسماؤهم في قرار العفو، فهؤلاء حق عليهم العقاب، وهم الذين كانت لهم صلة وثيقة بمحاكمة شارل الأول وإعدامه، وقد اعدم من هؤلاء عشرة وألقى في السجن عدد غيرهم، ولم يك ملتن من هؤلاء ولا من هؤلاء، إذ لم يدرج اسمه فيمن استثني من العفو. . .

وكيف تأتي ذلك؟ كيف نجا ملتن من حبل المشنقة وهو الذي برر إعدام شارل في كتاب أذاعه في أوربا لا في إنجلترا وحدها؟ هل أنجاه الاختفاء؟ كلا؛ فلم يك يمنع اختفاؤه أن يجئ اسمه فيمن يقتلون أو يسجنون حتى يعثر عليه.

لقد ذكرت آراء حول نجاته، ولكن مردها جميعاً إلى الظن، إذ لم يقف المؤرخون على حقيقة مقررة في هذا الأمر؛ فمن قائل أن أصدقاءه في البرلمان الجديد بذلوا قصارى جهدهم لينجوه، كان له في البرلمان بضعة نفر من المعجبين به منهم صديقه الحميم مارفل؛ وثمة رواية رواها ريتشارد سون في مذكراته وهو أحد من كتبوا عن ملتن في أوائل القرن الثامن عشر، وقد استمد من الشاعر بوب الذي يعزوها إلى بترتون أحد مشاهير الممثلين في الفترة التي أعقبت عودة الملكية، والذي يرجح انه أخذها بدوره من الشاعر الملكي دفنانت، ومؤداها أن دفنانت هذا قد ألقى به في السجن أثناء النزاع بين شارل الأول

<<  <  ج:
ص:  >  >>