وهذه دعوة عظيمة لابد من تدعيمها بقوة الروح والأيمان الصادق، وصدق العزيمة وبذل الأموال ولا شك إنها أصابت في قائدها المحنك وزعيمها الممتاز من اسبغ الله عليه الفضل الواسع وأهله بجميع المؤهلات التي تخول له قيادة مثل هذه الحركة العظيمة بما أوتيه من نباهة الذكر والسعة العلمية، والفطنة، وقوة الأيمان، والعزيمة الصادقة ما هيأ لدعوته أن تجوب القطر الحضرمي ويتردد صداها بين الخافقين.
فمن هذا الزعيم الذي أسندت إليه حضرموت قيادة هذه الحركة الإصلاحية؟
هو العارف بالله السيد أحمد بن عمر بن سميط العلوي المتوفى سنة ١٢٥٧هـ.
نشأ هذا السيد الأمام في محيط يشع بالسؤدد والمكارم، وزحابة الأخلاق؛ تحيط به حالة من النور والفضل والنبل والعلم وسراوة التقوى فكان من هذه المكونات فذاً في التاريخ.
وعلى نبعة العلم والده السيد عمر بن زين تثقفت ثقافته
الأولى؛ وكان السيد عمر مشغولاً بالثقافة ليلاً ونهاراً، وحينما
استطاع السيد أحمد الاندماج بالصف الذي يصله بركب والده
العلمي اصبح هو الذي يروي ظمأ والده بالقراءة عليه ليلاً
ونهاراً. وبالطبع تهيأ له من الاتصال بوالده ما لم يتهيأ لغيره،
وهذا له اثر عظيم في تكوينه العلمي، وكان هذا شأنه إلى أن
لحق والده بربه في ٢٤٣١٢٠٧هـ فاتصل بابن عمه السيد
عبد الرحمن بن محمد زين، وامتد اتصاله بعد هذا بأكابر
رجال عصره وهم من الكثرة بحيث لا يمكن الإلمام بهم في
مقام يقتضي أن نسير فيه بالإيجاز.
وما أن ترعرع في الطلب حتى تم له من التفوق ما لا يدركه إلا الصفوة المختارة من أمثاله.